للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوَّة نائبه صلاحُ الأمر، أو فعَل ذلك لهوًى ورغبةٍ في الرياسة له ولطائفته (١) دون مَن هو أحقُّ بذلك منه وسلك مسلكَ المتغلِّبين بالعدوان= فمن المعلوم أن المؤمنَ بالله ورسوله لا يستجيزُ أن يقول في الرسالة: إنها عاجزةٌ عن تحقيق العلم وبيانه حتى يكونَ الإقرارُ بها مع تحقيق العلم الإلهيِّ من غيرها موجبًا لصلاح الدِّين، ولا يستجيزُ أن يعتدي عليها بالتقدُّم بين يدي الله ورسوله ويقدِّم علمَه وقولَه على عِلْم الرسول وقوله، ولا يستجيزُ أن يسلِّطَ عليها التأويلاتِ العقليةَ ويدَّعي أن ذلك من كمال الدِّين وأن الدِّينَ لا يكونُ كاملًا إلا بذلك.

وأحسنُ أحواله أن يدَّعي أن الرسولَ [كان] عالمًا بأنَّ ما أخبر به أنَّ له تأويلاتٍ وتبيانًا غيرَ ما يدلُّ عليه ظاهرُ قوله ومفهومُه، وأنه ما ترك ذلك إلا [لأنه] (٢) ما كان يُمْكِنُه بين تلك الأعراب ونحوهم، وأنه وكَلَ ذلك إلى عقول المتأخرين (٣).

وهذا هو الواقع؛ فإن المتفلسفةَ تقول: إن الرُّسلَ لم يتمكَّنوا مِن بيان الحقائق؛ لأن إظهارها يُفْسِدُ الناسَ ولا تحتملُ ذلك عقولُهم. ثم قد يقولون: إنهم عَرفوها، وقد يقولُ بعضهم: لم يعرفوها، أو أنا أعرَفُ بها منهم. ثم يبيِّنونها هُم بالطُّرق القياسية الموجودة عندهم.


(١) سياق الكلام: وهذا القدر وإن استجازه كثير من الملوك لعجز بعض الخلفاء ... أو فعل ذلك لهوى ورغبة في الرياسة ... .
(٢) ما بين المعكوفات ليست في الأصل, وزيدت لالتئام السياق.
(٣) في طرة الأصل أنه وقع هنا في نسخة: «وإنما يفعل ذلك من في قلبه مرض ونفاق».

<<  <  ج: ص:  >  >>