للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا المعنى يوجدُ في كلام أبي حامدٍ وأمثاله ومَن بعده، طائفةٌ منه في «الإحياء» وغير «الإحياء» (١)، وكذلك في كلام الرازي (٢).

وأما الاتحاديةُ ونحوهم من المتكلِّمين فعليه مدارُهم، ومبنى كلام الباطنية والقرامطة عليه، لكن هؤلاء ينكرون ظواهرَ الأمور العملية والعِلْمية جميعًا، وأما غيرُ هؤلاء فلا ينكرون العمليَّات الظاهرة المتواترة، لكن قد يجعلونها لعموم الناس لا لخصوصهم، كما يقولون مثل ذلك في الأمور الخبرية, ومدار كلامهم على أن الرسالة متضمنةٌ لمصلحة العموم علمًا وعملًا, وأما الخاصَّة فلا.

وعلى هذا يدور كلام أصحاب «رسائل إخوان الصفا» (٣) وسائر فضلاء المتفلسفة.

ثم منهم من يوجبُ اتِّباعَ الأمور العملية من الأمور الشرعية، وهؤلاء كثيرون في متفقِّهتهم ومتصوِّفتهم وعقلاء فلاسفتهم.

وإلى هنا كان ينتهي علمُ ابن سينا إذا تاب والتزم القيام بالواجبات الناموسيَّة (٤)؛ فإن قدماء الفلاسفة كانوا يوجبون اتِّباعَ النواميس التي وضعها


(١) انظر: «الإحياء» (١/ ١٠٠, ١٠١) , و «المنقذ من الضلال» (١٨٢).
(٢) انظر: «أساس التقديس» (٢٥٠) , و «المطالب العالية» (٢/ ٧٣) , و «مفاتيح الغيب» (٧/ ١٤٢).
(٣) انظر: «رسائل إخوان الصفا» (٣/ ٦٨, ١٣٢, ١٣٨).
(٤) الناموس هو الشريعة والقانون والسياسة الكلية للمدائن. انظر: «مجموع الفتاوى» (١٧/ ٣٣٠) , و «الكليات» (١/ ٤٤٤) , و «تكملة المعاجم» (١٠/ ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>