للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك قال سبحانه: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (١٠٠) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنعام: ١٠٠، ١٠١] , فأخبر أن التولُّد لا يكونُ إلا عن أصلين، كما تكونُ النتيجةُ عن مقدِّمتين، وكذلك سائرُ المعلولات المعلومة لا يحدثُ المعلولُ إلا باقتران ما تتمُّ به العلة، فأما الشَّيءُ الواحدُ وحدَه فلا يكونُ علَّةً ولا والدًا قطُّ، لا يكونُ شيءٌ في هذا العالم إلا عن أصلين, ولو أنهما (١) «الفاعِل» و «القابِل»، كالنار والحطب، والشَّمس والأرض، فأما الواحدُ وحدَه فلا يَصْدُر عنه شيءٌ ولا يتولَّد (٢).

فبيَّن القرآنُ أنهم أخطؤوا طريقَ القياس في العلَّة والتولُّد (٣)، حيث جعلوا العالم يصدرُ عنه بالتعليل والتوليد.

وكذلك قال: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الذاريات: ٤٩] خلافُ قولهم: إن الصَّادر عنه واحد (٤).

وهذا وفاءٌ بما ذكره الله تعالى من قوله: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ


(١) الأصل: «ولوانه». أي ولو سُمِّيا بذلك.
(٢) انظر: «الجواب الصحيح» (٤/ ٤٦٨ - ٤٧٨, ٤٨٦) , و «درء التعارض» (٧/ ٣٦٩ - ٣٧٤) , و «الصفدية» (٢/ ٢١٦) , و «بيان تلبيس الجهمية» (٥/ ٢١٠) , و «مجموع الفتاوى» (١٧/ ٢٤٠ - ٢٤٣, ٢٦١ - ٢٧٢).
(٣) الأصل: «والتوليد». والمثبت أصح.
(٤) انظر: «التدمرية» (٢١١) , و «الرد على المنطقيين» (٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>