للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا قال مجاهدٌ ــ وذكره البخاريُّ في صحيحه (١) ــ في «الشَّفع والوَتْر»: إن الشَّفْع هو الخَلق، فكلُّ مخلوقٍ له نظير، والوَتْر هو الله الذي لا شبيه له (٢).

فقال: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} [الأنعام: ١٠١] , وذلك أن الآثار الصَّادرة عن العلل والمتولِّدات في الموجودات لا بدَّ فيها من شيئين: أحدُهما يكونُ كالأب، والآخرُ يكونُ كالأمِّ القابلة, وقد يسمُّون ذلك «الفاعل» و «القابل» , كالشَّمس مع الأرض، والنار مع الحطب، فأما صدورُ شيءٍ واحدٍ عن شيءٍ واحدٍ فهذا لا وجود له في الوجود أصلًا (٣).

وأما تشبيهُهم لذلك بالشُّعاع مع الشمس، وبالصَّوت ــ كالطَّنين ــ مع الحركة والنَّقْر، فهو أيضًا حجةٌ لله ورسوله والمؤمنين عليهم.

وذلك أن الشُّعاع إن أريد به نفسُ ما يقومُ بالشَّمس، فذلك صفةٌ من صفاتها، وصفاتُ الخالق ليست مخلوقةً ولا هي من العالم الذي فيه الكلام. وإن أريدَ بالشُّعاع ما ينعكسُ على الأرض، فذلك لا بدَّ فيه من شيئين، وهما: الشَّمس التي تجري مجرى الأب الفاعل، والأرض التي تجري مجرى الأمِّ القابلة وهي الصَّاحبة للشمس.


(١) تعليقًا (٤/ ١٣١). ووصله ابن جرير (٢٤/ ٣٥١, ٣٥٢) , وآدم بن أبي إياس في التفسير المنسوب إلى مجاهد (٧٢٦).
(٢) انظر: «جواب الاعتراضات المصرية على الفتيا الحموية» (١١٦).
(٣) انظر: «درء التعارض» (٧/ ٣٦٨ - ٣٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>