للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفلاسفةُ تعني بالتوحيد ما تعنيه المعتزلةُ وزيادة، حتى يقولوا: ليس له إلا صفةٌ سلبيةٌ أو إضافيةٌ أو مركَّبةٌ منهما.

والاتحاديةُ تعني بالتوحيد: أنه هو الوجود المطلق.

ولغير هؤلاء فيه اصطلاحاتٌ أخرى.

وأما التوحيد الذي بعث الله به الرُّسلَ وأنزل به الكتبَ فليس هو متضمِّنًا شيئًا من هذه الاصطلاحات، بل أمر الله عباده أن يعبدوه لا يشركوا به شيئًا، فلا يكونُ لغيره نصيبٌ فيما يختصُّ به من العبادة وتوابعها, هذا في العمل. وفي القول (١): ما وصف الله به نفسَه ووصفه به رسولُه (٢).

فإن كنت تعني أن مذهب السَّلف هو التوحيدُ بالمعنى الذي جاء به الكتابُ والسُّنة= فهذا حقٌّ، وأهلُ الصِّفات الخبرية لا يخالفون هذا.

وإن عنيتَ أن مذهبَ السَّلف هو التوحيدُ والتنزيهُ الذي تعنيه بعضُ الطوائف= فهذا يَعْلَمُ بطلانَه كلُّ من تأمَّل أقوالَ السَّلف الثابتة عنهم الموجودة في كتب آثارهم، فليس في كلام أحدٍ من السَّلف كلمةٌ توافقُ ما تختصُّ به هذه الطوائف، ولا كلمةٌ تنفي الصِّفات الخبرية.

ومن المعلوم أن مذهبَ السَّلف إن كان يُعْرَفُ بالنقل عنهم فليُرْجَع في ذلك إلى الآثار المنقولة عنهم.


(١) التوحيد العلمي القولي الذي هو الخبر عن الله. والأول التوحيد العملي الإرادي.
(٢) انظر: «التدمرية» (١٨٢) , و «بيان تلبيس الجهمية» (٣/ ٩٤ - ١٤٩) , و «التسعينية» (٧٤٧ - ٧٥٢, ٧٨٠ - ٨٠٢) , و «اقتضاء الصراط» (٢/ ٣٨٥) , و «مجموع الفتاوى» (١/ ٣٦٧, ١٩/ ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>