للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالجملة، فهو لم يتَّبع النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في شيء، فإنه أخذ بزعمه عن الله ما هو مُتَابِعُه فيه في الظاهر، كما يوافقُ المجتهدُ المجتهدَ والرسولُ الرسولَ، فليس عنده من اتباع الرسول والتلقِّي عنه شيءٌ أصلًا، لا في الحقائق الخبرية ولا في الحقائق الشرعية.

وأيضًا، فإنه لم يرضَ أن يكون معه كموسى مع عيسى وكالعالِم مع العالِم في الشَّرع الذي وافقَه فيه، بل ادعى أنه يأخذُ ما أقرَّه عليه من الشَّرع من الله في الباطن، فيكون أخذُه للشَّرع عن الله أعظمَ مِن أخذِ الرسول.

وأما ما ادعى امتيازَه به عنه, وافتقارَ الرسول إليه, وهو موضعُ اللَّبِنَة الذهبية, فزعَم أنه يأخذُ عن المَعْدِن الذي يأخذُ منه المَلَكُ الذي يوحي به إلى الرسول.

فهذا كما ترى في حال هذا الرجل، وتعظيم بعض المتأخرين له (١).

وصرَّح الغزالي بأن قتل من ادعى أن رتبة الولاية أعلى من رتبة النبوَّة أحبُّ إليه من قتل مئة كافر؛ لأن ضرر هذا في الدين أعظم (٢).


(١). قال المصنف في «بغية المرتاد» (٤٨٨, ٥٠٨ - ٥١٢): «وقد قال لي أفضل شيوخ هؤلاء بالديار المصرية لما أوقفته على بعض ما في هذا الكتاب مثل هذا الموضع وغيره, فقال: هذا كفر. وقال لي في مجلس آخر: هذا الكتابُ عندنا من أربعين سنة نعظِّمه ونعظِّم صاحبه ما أظهر لنا هذه المصائب إلا أنت» , وذكر أنه حين أظهر ما في كتب هؤلاء من النفاق والإلحاد خاطبه أحد معظِّمي ابن عربي وجعل يتأوَّل كلامه في هذا الباب, فأخذ يوقفه على كلامه بتمامه, فلما رآه «انبهر حيث رآه قد صرَّح بالتفضيل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى جميع الأنبياء» , ثم بيَّن له بطلان هذا القول.
(٢). «فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة» (٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>