للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

= ليس عليها ولا على أقسامها قياسٌ منطقي، بل غالبها مجرَّد استقراءٍ قد نُوزِعَ صاحبُه في كثيرٍ منه.

فإذا كانت صناعتُهم بين علومٍ (١) لا يُحْتَاجُ فيها إلى القياس المنطقي، وبين ما لا يمكنُهم أن يستعملوا فيه القياسَ المنطقي، كان عديمَ الفائدة في علومهم، بل كان فيه مِن شغل القلب عن العلوم والأعمال النافعة ما ضرَّ كثيرًا من الناس، كما سدَّ على كثيرٍ منهم طريقَ العلم وأوقعَهم في أودية الضلال والجهل, فما الظنُّ بغير علومهم من العلوم التي لا تُحَدُّ (٢) للأولين والآخرين (٣).

وأيضًا، لا تجدُ أحدًا من أهل الأرض حقَّق علمًا من العلوم وصار إمامًا فيه مستعينًا بصناعة المنطق، لا من العلوم الدينية ولا غيرها، فالأطباء والحُسَّابُ والكتَّابُ ونحوهم يحقِّقون ما يحقِّقون من علومهم وصناعاتهم بغير صناعة المنطق.

وقد صُنِّف في الإسلام علومُ النحو واللغة والعَروض والفقه وأصوله والكلام وغير ذلك، وليس في أئمَّة هذه الفنون من كان يلتفتُ إلى المنطق، بل عامَّتهم كانوا قبل أن يُعَرَّبَ هذا المنطق الرُّومي.

وأما العلومُ الموروثةُ عن الأنبياء صِرفًا، وإن كان الفقهُ وأصوله متصلًا


(١) الأصل: «معلوم» , تحريف.
(٢) الأصل: «التي تحد». والمثبت من (ط).
(٣) في طرة الأصل هنا: «في نسخة: وهذا يظهر بالوجه العاشر». ومرَّ نظير هذه الإشارة (ص: ١٣٠) , وسبق الكلام على ما تحتمله في مقدمة التحقيق (ص: ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>