للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليُسْتَنَّ بها ويُقْتَصَر عليها. وإنما سَنَّها من قد عَلِمَ ما في خلافها من الزَّلل والخطأ والحُمْق والتعمُّق.

فارْضَ لنفسِك بما رَضُوا به لأنفسهم؛ فإنهم عن علمٍ وَقَفُوا، وببصرٍ نافذٍ كفُّوا، ولَهُم كانوا على كشفها أقوى, وبفضلٍ (١) لو كان فيها أحرى، وإنهم لَهُم السابقون، وقد بلغهم عن نبيِّهم ما يجري من الاختلاف بعد القرون الثلاثة.

فلئن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سبقتموهم إليه، ولئن قلتم: حَدَثَ حدثٌ بعدهم, فما أحدثه إلا من اتَّبع غيرَ سبيلهم، ورَغِبَ بنفسه عنهم, واختار ما نَحَتَه فكرُه على ما تلقَّوه عن نبيِّهم، وتلقَّاه عنهم من تبعهم بإحسان.

ولقد وصفوا منه ما يكفي, وتكلَّموا منه بما يشفي، فمَن دونهم مُقَصِّر، ومَن فوقهم مُفْرِط (٢). لقد قصَّر دونهم أناسٌ فجَفَوا، وطَمَح (٣) آخرون


(١). في الأصل: «وبتفصيلها». والمثبت من (ذ) و «الإبانة» و «الفقيه والمتفقه» وجمهرة المصادر, وهو الأشبه بالصواب. أي: أنهم أحرى بالفضل لو كان في الخوض فيها فضلٌ. وروي: «وبفضل ما كانوا فيه أولى» , و «وبفضل ما فيه كانوا أولى» , و «وبفضل ما فيه لو كان أحرى». وعلى قراءة الأصل يحتمل أن يكون المراد بالتفصيل: الأخذ ببعضها دون بعض.
(٢). من الإفراط وهو الغلو ومجاوزة الحد. ويحتمل أن تقرأ: «مفرِّط» من التفريط وهو التقصير والتضييع. والأول أقوم بالمراد. وفي (ذ): «محسر». ورواية أبي داود: «فما فوقهم من مقصر وما دونهم من محسر» , وضبطها في «عون المعبود»: «مَقْصَر, مَحْسَر» مصدر ميمي أو ظرف. وتحرفت في بعض المصادر على ألوان شتى, وكأن المصنف استشكلها فغيَّرها, والمراد من العبارة ظاهرٌ على كل تقدير.
(٣). أي: ارتفع وتشوَّف. وفي (ذ): «وطمع» , خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>