الْخَمْسُ لَا الْجُمُعَةُ انْتَهَى
وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا لِأَنَّ الْجُمَعَ الَّتِي صَلَّاهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِ افْتِرَاضِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ إِلَى عِنْدِ مَوْتِهِ لَا تَبْلُغُ الْمِقْدَارَ وَلَا نِصْفَهُ
وَقَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ ظَاهِرُ الْمَقَامِ يُفِيدُ أَنَّهُ أَرَادَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ فَالْعَدَدُ مُشْكِلٌ إِلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ الْكَثْرَةُ وَالْمُبَالَغَةُ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى مُطْلَقِ الصَّلَاةِ فَالْأَمْرُ سَهْلٌ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[١٠٩٤] (خُطْبَتَانِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا) قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ أَنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ لَا تَصِحُّ مِنَ الْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ إِلَّا قَائِمًا فِي الْخُطْبَتَيْنِ وَلَا يَصِحُّ حَتَّى يَجْلِسَ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِخُطْبَتَيْنِ
قَالَ الْقَاضِي ذَهَبَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ إِلَى اشْتِرَاطِ الْخُطْبَتَيْنِ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ وَرِوَايَةِ بن الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تَصِحُّ بِلَا خُطْبَةٍ
وحكى بن عَبْدِ الْبَرِّ إِجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْخُطْبَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا قَائِمًا لِمَنْ أَطَاقَهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَصِحُّ قَاعِدًا وَلَيْسَ الْقِيَامُ بِوَاجِبٍ
وَقَالَ مَالِكٌ هُوَ وَاجِبٌ وَلَوْ تُرِكَ أَسَاءَ وَصَحَّتِ الْجُمُعَةُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ الْجُلُوسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ سُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا شرط ومذهب الشافعي أنه فرض وشرط وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ فَرْضٌ وَشَرْطٌ لِصِحَّةِ الْخُطْبَةِ
قَالَ الطَّحَاوِيُّ لَمْ يَقُلْ هَذَا غَيْرُ الشَّافِعِيِّ
دَلِيلُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ ثَبَتَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي انْتَهَى كَلَامُهُ
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ وَاظَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا انْتَهَى
واستشكل بن الْمُنْذِرِ إِيجَابَ الْجُلُوسِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ
وَقَالَ إِنِ اُسْتُفِيدَ مِنْ فِعْلِهِ فَالْفِعْلُ بِمُجَرَّدِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَلَوِ اقْتَضَاهُ لَوَجَبَ الْجُلُوسُ الْأَوَّلُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ الْأُولَى وَلَوْ وَجَبَ لَمْ يَدُلَّ عَلَى إِبْطَالِ الْجُمُعَةِ بِتَرْكِهِ (يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيُذَكِّرُ النَّاسَ) فِيهِ دَلِيلٌ لِلشَّافِعَيَّ فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْخُطْبَةِ الْوَعْظُ وَالْقِرَاءَةُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَصِحُّ الْخُطْبَتَانِ إِلَّا بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمَا وَالْوَعْظِ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ وَاجِبَاتٌ فِي الْخُطْبَتَيْنِ وَتَجِبُ قِرَاءَةُ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ فِي أحديهما عَلَى الْأَصَحِّ وَيَجِبُ الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْجُمْهُورُ يَكْفِي مِنَ الْخُطْبَةِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ يَكْفِي تَحْمِيدَةٌ أَوْ تَسْبِيحَةٌ أَوْ تَهْلِيلَةٌ وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ يُسَمَّى خُطْبَةً وَلَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُهَا مَعَ مُخَالَفَتِهِ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَهُ النَّوَوِيُّ
قُلْتُ وَقَوْلُهُ يُذَكِّرُ النَّاسَ فِيهِ دَلِيلٌ صَرِيحٌ عَلَى أَنَّ الْخُطْبَةَ وَعْظٌ وَتَذْكِيرٌ لِلنَّاسِ وأن