٢٣ - (باب في المواضع التي لا تجوز فيها الصَّلَاةُ)
[٤٨٩] (عَنْ أَبِي ذَرٍّ) قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ الصَّحَابِيُّ الْمَشْهُورُ اسْمُهُ جُنْدُبُ بْنُ جُنَادَةَ عَلَى الْأَصَحِّ تَقَدَّمَ إِسْلَامُهُ وَتَأَخَّرَتْ هِجْرَتُهُ فَلَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا وَمَنَاقِبُهُ كَثِيرَةٌ جِدًّا مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ (جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ طُهُورًا) بِالضَّمِّ مُطَهِّرًا عِنْدَ فَقَدِ الْمَاءِ وَعُمُومُ ذِكْرِ الْأَرْضِ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ مَا نَهَى الشَّارِعُ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَبِهِ تَحْصُلُ مُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الطَّهُورَ هُوَ الْمُطَهِّرُ لِغَيْرِهِ لِأَنَّ الطَّهُورَ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الطَّاهِرَ لَمْ تَثْبُتِ الْخُصُوصِيَّةُ وَالْحَدِيثُ إنما سيق لإثباتها وقد روى بن المنذر وبن الْجَارُودِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا جُعِلَتْ لِي كُلُّ أَرْضٍ طَيِّبَةٍ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَمَعْنَى طَيِّبَةٍ طَاهِرَةٌ فَلَوْ كَانَ مَعْنَى طَهُورًا طَاهِرًا لَلَزِمَ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ (وَمَسْجِدًا) أَيْ مَوْضِعُ سُجُودٍ لَا يَخْتَصُّ السُّجُودُ مِنْهَا بِمَوْضِعٍ دُونَ غَيْرِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا عَنِ الْمَكَانِ الْمَبْنِيِّ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَتِ الصَّلَاةُ فِي جَمِيعِهَا كَانَتْ كَالْمَسْجِدِ فِي ذَلِكَ
قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ تَحْتَ قَوْلِهِ جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا وَهَذَا إِجْمَالٌ وَإِبْهَامٌ وَتَفْصِيلُهُ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو دَاوُدَ فِي هَذَا الْبَابِ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ حَدَّثُونَا بِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ وَقَدْ يُحْتَجُّ بِظَاهِرِ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ مَنْ يَرَى التَّيَمُّمَ جَائِزًا بِجَمِيعِ الْأَجْزَاءِ مِنْ جِصٍّ وَنُورَةٍ وَزِرْنِيخٍ وَنَحْوِهَا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ إِلَّا بِالتُّرَابِ
قَالَ وَالْمُفَسَّرُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ يَقْضِي عَلَى الْمُجْمَلِ وَإِنَّمَا جَاءَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا عَلَى مَذْهَبِ الِامْتِنَانِ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ بِأَنْ رَخَّصَ لَهُمْ فِي الطَّهُورِ بِالْأَرْضِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا فِي بِقَاعِهَا وَكَانَتِ الْأُمَمُ الْمُتَقَدِّمَةُ لَا يُصَلُّونَ إِلَّا فِي كَنَائِسِهِمْ وَبِيَعِهِمْ وَإِنَّمَا سِيقَ هَذَا الْحَدِيثُ لِهَذَا الْمَعْنَى وَبَيَانُ مَا يُتَطَهَّرُ بِهِ مِنْهَا مِمَّا لَا يَجُوزُ إِنَّمَا هُوَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَاحْتَجَّ مَنْ خَصَّ التَّيَمُّمَ بِالتُّرَابِ بِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute