(بَابُ نَسْخِ قِيَامِ اللَّيْلِ وَالتَّيْسِيرِ فِيهِ)
[١٣٠٤] (قَالَ فِي الْمُزَّمِّلِ) أَيْ فِي سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ يُقَالُ تَزَمَّلَ وَتَدَثَّرَ بِثَوْبِهِ إِذَا تَغَطَّى بِهِ أَرَادَ ياأيها النَّائِمُ قُمْ فَصَلِّ
قَالَ الْعُلَمَاءُ كَانَ هَذَا الْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ الْوَحْيِ قَبْلَ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ ثُمَّ خُوطِبَ بعد بالنبي والرسول (قم الليل) أي للصلاة (إلا قليلا) وَكَانَ الْقِيَامُ فَرِيضَةً فِي الِابْتِدَاءِ ثُمَّ بَيَّنَ قَدْرَهُ فَقَالَ تَعَالَى نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قليلا أَيْ إِلَى الثُّلُثِ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى النِّصْفِ إِلَى الثُّلُثَيْنِ خَيَّرَهُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَنَازِلِ فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَقُومُونَ عَلَى هَذِهِ الْمَقَادِيرِ وَكَانَ الرَّجُلُ لَا يَدْرِي مَتَى ثُلُثُ اللَّيْلِ وَمَتَى النِّصْفُ وَمَتَى الثُّلُثَانِ فَكَانَ يَقُومُ حَتَّى يُصْبِحَ مَخَافَةَ أَنْ لَا يَحْفَظَ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ وَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ فَرَحِمَهُمُ اللَّهُ وَخَفَّفَهُ عَنْهُمْ وَنَسَخَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ الْآتِي كَمَا قَالَ الرَّاوِي (نَسَخَتْهَا) أَيْ هَذِهِ الْآيَةُ (الْآيَةُ) الْأُخْرَى (الَّتِي فِيهَا) أَيْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ (عَلِمَ أَنْ لن تحصوه) أي لن تطيقوه (فتاب عليكم) أي فعاد عليكم بالعفو والتخفيف (فاقرؤوا ما تيسر من القرآن) مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ لِوَقْتٍ لَكِنْ قُومُوا مِنَ اللَّيْلِ مَا تَيَسَّرَ عَبَّرَ عَنِ الصَّلَاةِ بِالْقِرَاءَةِ فَهَذِهِ الْآيَةُ نَسَخَتِ الَّذِي كَانَ اللَّهُ أَوْجَبَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوَّلًا مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَيْنَهُمَا سَنَةٌ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهَا أَوْ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ عَشْرَ سِنِينَ
أَخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زَوَائِدِ الزُّهْدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّمَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ لَمَّا قَالَ اللَّهُ لَهُ قُمِ اللَّيْلَ إلا قليلا وأخرج بن أبي شيبة والحاكم والبيهقي وغيرهم عن بن عباس قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ أَوَّلُ الْمُزَّمِّلِ كَانُوا يَقُومُونَ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِمْ فِي شَهْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute