(باب في فضل أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
(خَيْرُ أُمَّتِي الْقَرْنُ الذي بُعِثْتُ فِيهِمْ) وَهُمُ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ (ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) أَيْ يَقْرَبُونَهُمْ فِي الرُّتْبَةِ أَوْ يَتْبَعُونَهُمْ فِي الْإِيمَانِ وَالْإِيقَانِ وَهُمُ التَّابِعُونَ (ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) وَهُمْ أَتْبَاعُ التَّابِعِينَ
وَالْقَرْنُ أَهْلُ كُلِّ زَمَانٍ وَهُوَ مِقْدَارُ التَّوَسُّطِ فِي أَعْمَارِ أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ وَقِيلَ الْقَرْنُ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَقِيلَ ثَمَانُونَ وَقِيلَ مِائَةُ سَنَةٍ
قَالَ السُّيُوطِيُّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ بِمُدَّةٍ
فَقَرْنُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمُ الصَّحَابَةُ وَكَانَتْ مُدَّتُهُمْ مِنَ الْمَبْعَثِ إِلَى آخِرِ مَنْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً وَقَرْنُ التَّابِعِينَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ إِلَى نَحْوِ سَبْعِينَ وَقَرْنُ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ مِنْ ثَمَّ إِلَى نَحْوِ الْعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ وَفِي هَذَا الْوَقْتِ ظَهَرَتِ الْبِدَعُ ظُهُورًا فَاشِيًا وَأَطْلَقَتِ الْمُعْتَزِلَةُ أَلْسِنَتَهَا
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
ذكر الشيخ بن الْقَيِّم رَحِمَهُ اللَّه الْحَدِيث الَّذِي فِي الْبَاب ثُمَّ ذَيَّلَ عَلَيْهِ قَالَ الشَّيْخ هَذَا الْحَدِيث قَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيث عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ وَعَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَأَبِي هُرَيْرَة وَعَائِشَة وَالنُّعْمَان بْن بَشِير
فَأَمَّا حَدِيث عِمْرَان فَمُتَّفَق عَلَيْهِ وَاخْتُلِفَ فِي لَفْظه فَأَكْثَر الرِّوَايَات أَنَّهُ ذَكَرَ بَعْد قَرْنه قَرْنَيْنِ وَوَقَعَ فِي بَعْض طُرُقه فِي الصَّحِيح ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثَلَاث مَرَّات وَلَعَلَّ هَذَا غَيْر مَحْفُوظ فَإِنَّ عِمْرَان قَدْ سُئِلَ فِيهِ فَقَالَ لَا أَدْرِي أَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد قَرْنه مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا
وَأَمَّا حَدِيث عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود فَأَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَفْظه خَيْر أُمَّتِي الْقَرْن الَّذِينَ يَلُونَنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَجِيء قَوْم تَسْبِق شَهَادَة أَحَدهمْ يَمِينه
وَيَمِينه شَهَادَته
وَفِي لَفْظ لَهُمَا سُئِلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيّ النَّاس خَيْر قَالَ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ فَلَمْ يُخْتَلَف فِي عِلِّيَّة ذِكْر الَّذِينَ يَلُونَهُمْ مَرَّتَيْنِ
وَأَمَّا حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ مُسْلِم فِي صَحِيحه وَلَفْظه خَيْر أُمَّتِي الَّذِينَ بُعِثْت فِيهِمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَم أَذَكَرَ الثَّالِث أَمْ لَا قَالَ ثُمَّ يَخْلُف قَوْم يُحِبُّونَ الشَّمَاتَة يَشْهَدُونَ قَبْل أَنْ يُسْتَشْهَدُوا
فَهَذَا فِيهِ قَرْن وَاحِد بَعْد قَرْنه وَشَكَّ فِي الثَّالِث وَقَدْ حَفِظَهُ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَعِمْرَان وَعَائِشَة