مُخَالَفَةٌ لِلْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الضِّيَافَةِ بَعْدَ شِرْعَتِهَا قَدْ صَارَتْ لَازِمَةً لِلْمُضِيفِ لِكُلِّ نَازِلٍ عَلَيْهِ فَلِلنَّازِلِ الْمُطَالَبَةُ بِهَذَا الْحَقِّ الثَّابِتِ شَرْعًا كَالْمُطَالَبَةِ بِسَائِرِ الْحُقُوقِ فَإِذَا أَسَاءَ إِلَيْهِ وَاعْتَدَى عَلَيْهِ بِإِهْمَالِ حَقِّهِ كَانَ لَهُ مُكَافَأَتُهُ بِمَا أَبَاحَهُ لَهُ الشَّارِعُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ
وَاعْلَمْ أَنَّ الضِّيَافَةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ
لَكِنْ ذَهَبَ الْبَعْضُ إِلَى وُجُوبِهَا لِأُمُورٍ الْأَوَّلُ إِبَاحَةُ الْعُقُوبَةِ بِأَخْذِ الْمَالِ لِمَنْ تَرَكَ ذَلِكَ وَهَذَا لَا يَكُونُ فِي غَيْرِ وَاجِبٍ وَالثَّانِي قَوْلُهُ فَمَا سِوَى ذَلِكَ صَدَقَةٌ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ أَنَّ مَا قَبْلَ ذَلِكَ غَيْرُ صَدَقَةٍ بَلْ وَاجِبٌ شَرْعًا وَالثَّالِثُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ وَفِي رِوَايَةٍ لَيْلَةُ الضِّيَافَةِ وَاجِبَةٌ فَهَذَا التَّصْرِيحُ بِالْوُجُوبِ وَالرَّابِعُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ نَصْرَهُ حَقُّ كُلِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّ هَذَا وُجُوبُ النُّصْرَةِ وَذَلِكَ فَرْعُ وُجُوبِ الضِّيَافَةِ وَهَذِهِ الدَّلَائِلُ تُقَوِّي مَذْهَبَ ذَلِكَ الْبَعْضِ وَكَانَتْ أَحَادِيثُ الضِّيَافَةِ مُخَصِّصَةً لِأَحَادِيثِ حُرْمَةِ الْأَمْوَالِ إِلَّا بِطِيبَةِ الْأَنْفُسِ وَالتَّفْصِيلُ فِي النَّيْلِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وبن ماجه وأخرجه الترمذي من حديث بن لهيعة وقال حسن
([٣٧٥٣] باب نسخ الضيف)
أَيْ نَسْخُ حُرْمَةِ الضِّيَافَةِ فَإِنَّ الضَّيْفَ كَمَا جَاءَ صِفَةً جَاءَ مَصْدَرًا أَيْضًا
قَالَ فِي الْقَامُوسِ ضِفْتُهُ أَضِيفُهُ ضَيْفًا وَضِيَافَةً بِالْكَسْرِ نَزَلْتُ عَلَيْهِ ضَيْفًا (فِي الْأَكْلِ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ) أَيْ هَذَا الْبَابُ مُنْعَقِدٌ لِإِثْبَاتِ أَنَّ الضِّيَافَةَ فِي الْأَكْلِ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ الَّتِي كَانَتْ مُحَرَّمَةً بِآيَةِ النِّسَاءِ الْآتِي ذِكْرُهَا قَدْ صَارَتْ مَنْسُوخَةً بِآيَةِ النُّورِ وَاعْلَمْ أَنَّهَا هُنَا أَرْبَعَةُ نُسَخٍ أَحَدُهَا هِيَ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا وَالثَّانِيَةُ باب نسخ الضيف يأكل من مال غيره وَهَذِهِ النُّسْخَةُ وَالنُّسْخَةُ الْأُولَى مُتَقَارِبَانِ وَالثَّالِثَةُ بَابُ مَا جَاءَ فِي نَسْخِ الضَّيْفِ فِي الْأَكْلِ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ إِلَّا بِتِجَارَةٍ وَهَكَذَا فِي نسخة الخطابي من رواية بن دَاسَةَ فَقَوْلُهُ فِي نَسْخِ الضَّيْفِ أَيْ فِي نَسْخِ حُرْمَةِ الضِّيَافَةِ وَقَوْلُهُ إِلَّا بِتِجَارَةٍ وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ فِي النُّسْخَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ لَكِنَّهَا مُرَادَةٌ بِلَا شُبْهَةٍ فَالنُّسَخُ الثَّلَاثُ فِي الْمَالِ وَاحِدٍ وَالنُّسْخَةُ الرَّابِعَةُ بَابُ نَسْخِ الضِّيقِ فِي الْأَكْلِ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ بِالضِّيقِ الْحُرْمَةُ لِأَنَّهَا سَبَبُ الضِّيقِ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ كَمَا أَنَّ الْإِبَاحَةَ سَعَةٌ لِأَنَّهَا سَبَبُ السَّعَةِ عَلَيْهِمْ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ أَعَمُّ مِنَ النُّسَخِ الثَّلَاثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute