وَفِي النِّهَايَةِ أَيْ لَا يَغْلِبَنَّكُمْ فَيَتَّخِذَكُمْ جَرِيًّا أَيْ رَسُولًا وَوَكِيلًا وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا مَدَحُوهُ فَكَرِهَ لَهُمُ الْمُبَالَغَةَ فِي الْمَدْحِ فَنَهَاهُمْ عَنْهُ
وَالْمَعْنَى تَكَلَّمُوا بِمَا يَحْضُرُكُمْ مِنَ الْقَوْلِ وَلَا تَتَكَلَّفُوهُ كَأَنَّكُمْ وُكَلَاءُ الشَّيْطَانِ وَرُسُلُهُ تَنْطِقُونَ عَلَى لِسَانِهِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ السُّيُوطِيُّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّيِّدُ اللَّهُ أَيِ السُّؤْدُدُ كُلُّهُ حَقِيقَةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ عَبِيدُ اللَّهِ وَإِنَّمَا منعهم أن يدعوه سيدا قَوْلِهِ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ لِأَنَّهُمْ قَوْمٌ حَدِيثُ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ وَكَانُوا يَحْسِبُونَ أَنَّ السِّيَادَةَ بِالنُّبُوَّةِ كَهِيَ بِأَسْبَابِ الدُّنْيَا
وَكَانَ لَهُمْ رُؤَسَاءُ يُعَظِّمُونَهُمْ وَيَنْقَادُونَ لِأَمْرِهِمْ وَقَوْلُهُ قُولُوا بِقَوْلِكُمْ أَيْ قُولُوا بِقَوْلِ أَهْلِ دِينِكُمْ وَمِلَّتِكُمْ وَادْعُونِي نَبِيًّا وَرَسُولًا كَمَا سَمَّانِي اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وَلَا تُسَمُّونِي سَيِّدًا كَمَا تُسَمُّونَ رُؤَسَاءَكُمْ وَعُظَمَاءَكُمْ ولا تجعلوني مثلهم فإني لست كأحدهم إذا كانوا ليسودونكم فِي أَسْبَابِ الدُّنْيَا وَأَنَا أَسُودُكُمْ بِالنُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ فَسَمُّونِي نَبِيًّا وَرَسُولًا
وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْضِ قَوْلِكُمْ فِيهِ حَذْفٌ وَاخْتِصَارٌ وَمَعْنَاهُ دَعُوا بَعْضَ قَوْلِكُمْ وَاتْرُكُوهُ وَاقْتَصَدُوا فِيهِ بِلَا إِفْرَاطٍ أَوْ دَعُوا سَيِّدًا وَقُولُوا نَبِيًّا وَرَسُولًا
وَقَوْلُهُ لَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ مَعْنَاهُ لَا يَتَّخِذَنَّكُمْ جَرِيًّا وَالْجَرِيُّ الْوَكِيلُ وَيُقَالُ الْأَجِيرُ انْتَهَى كَلَامُ السُّيُوطِيِّ
وَقَالَ السِّنْدِيُّ أَيْ لَا يَسْتَعْمِلَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ فِيمَا يُرِيدُ مِنَ التَّعْظِيمِ لِلْمَخْلُوقِ بِمِقْدَارٍ لَا يَجُوزُ انْتَهَى وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ
١ - (بَاب فِي الرِّفْقِ بِالْكَسْرِ ضِدُّ الْعُنْفِ [٤٨٠٧])
وَهُوَ الْمُدَارَاةُ مَعَ الرُّفَقَاءِ وَلِينُ الْجَانِبِ وَاللُّطْفُ فِي أَخْذِ الْأَمْرِ بِأَحْسَنِ الْوُجُوهِ وَأَيْسَرِهَا
(إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ) أَيْ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يُرِيدُ بِهِمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِهِمُ الْعُسْرَ فَلَا يُكَلِّفُهُمْ فَوْقَ طَاقَتِهِمْ (وَيُعْطِي عَلَيْهِ) أَيْ فِي الدُّنْيَا مِنَ الثَّنَاءِ الْجَمِيلِ وَنَيْلِ الْمَطَالِبِ وَتَسْهِيلِ الْمَقَاصِدِ وَفِي الْآخِرَةِ مِنَ الثَّوَابِ الْجَزِيلِ (مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ) بِالضَّمِّ وَفِي الْقَامُوسِ مُثَلَّثَةُ الْعَيْنِ ضِدُّ الرِّفْقِ