تِلْكَ النَّاحِيَةَ الْكُفَّارَ كَيْلَا يَغْلِبَ كُفَّارُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ عَلَى مَنْ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (الْبَعْثَ) أَيِ الْخُرُوجَ إِلَى الْغَزْوِ بِلَا أُجْرَةٍ (فَيَتَخَلَّصُ مِنْ قَوْمِهِ) أَيْ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنَ قَوْمِهِ وَيَفِرُّ طَلَبًا لِلْخَلَاصِ مِنَ الْغَزْوِ (ثُمَّ يَتَصَفَّحُ الْقَبَائِلَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَيْهِمْ) أَيْ يَتَفَحَّصُ عَنْهَا وَيَتَسَاءَلُ فِيهَا
وَالْمَعْنَى أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ فَارَقَ هَذَا الْكَسْلَانُ قَوْمَهُ كَرَاهِيَةَ الْغَزْوِ يَتَتَبَّعُ الْقَبَائِلَ طَالِبًا مِنْهُمْ أَنْ يَشْرِطُوا لَهُ شَيْئًا وَيُعْطُوهُ (مَنْ أَكْفِهِ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِحَذْفِ الْيَاءِ وَلَا وَجْهَ لَهُ وَفِي بَعْضِهَا أَكْفِيهِ بِالْيَاءِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَالْمَعْنَى مَنْ يَأْخُذُنِي أَجِيرًا أَكْفِيهِ جَيْشَ كَذَا وَيَكْفِينِي هُوَ مُؤْنَتِي (أَلَا) لِلتَّنْبِيهِ (وَذَلِكَ) مُبْتَدَأٌ (الْأَجِيرُ) خَبَرُهُ وَتَعْرِيفُ الْخَبَرِ لِلْحَصْرِ أَيْ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي كَرِهَ الْبَعْثَ تَطَوُّعًا أَجِيرٌ وَلَيْسَ بِغَازٍ فَلَا أَجْرَ لَهُ (إِلَى آخِرِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهِ) أَيْ إِلَى الْقَتْلِ يَعْنِي أَنَّهُ وَإِنْ قُتِلَ فَهُوَ أَجِيرٌ لَيْسَ غَازِيًا
قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ أَرَادَ بِقَوْلِهِ هَذَا مَنْ حَضَرَ الْقِتَالَ رَغْبَةً فِيمَا عُقِدَ لَهُ مِنَ الْمَالِ لَا رَغْبَةً فِي الْجِهَادِ وَلِهَذَا سَمَّاهُ أَجِيرًا قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَقَدَ الْإِجَارَةِ عَلَى الْجِهَادِ غَيْرُ جَائِزٍ
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْأَجِيرِ يَحْضُرُ الْوَقْعَةَ هَلْ يُسْهَمُ لَهُ فَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَى خِدْمَةِ الْقَوْمِ لَا سَهْمَ لَهُ وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ
قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يُسْهَمُ لَهُ إِذَا غَزَا وَقَاتَلَ
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُسْهَمُ لَهُ إِذَا شَهِدَ وَكَانَ مَعَ النَّاسِ عِنْدَ الْقِتَالِ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
١٢ - (بَاب الرُّخْصَةِ فِي أخد الجعائل)
[٢٥٢٦] (عن الليث) حجاج بن محمد وبن وَهْبٍ كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ (عن بن شُفَيٍّ) بِالْفَاءِ مُصَغَّرًا (لِلْغَازِي أَجْرُهُ) أَيِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ عَلَى غَزْوِهِ (وَلِلْجَاعِلِ) قَالَ الْمُنَاوِيُّ أَيِ الْمُجَهِّزُ الْغَازِيَ تَطَوُّعًا لَا اسْتِئْجَارًا لِعَدَمِ جَوَازِهِ (أَجْرُهُ) أَيْ ثَوَابُ مَا بَذَلَ مِنَ الْمَالِ (وَأَجْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute