بَعْدَ مَا أَسْلَمْتُ فَأَمَرَنِي أَنْ أُوفِيَ بِنَذْرِي (أَنْ أَعْتَكِفَ) أَيِ الِاعْتِكَافَ (فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَلَمْ يَكُنْ إِذْ ذَاكَ جِدَارٌ يُحَوِّطُ عَلَيْهَا
قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ (لَيْلَةً) لَا يُعَارِضُهُ رِوَايَةُ يَوْمًا لِأَنَّ الْيَوْمَ يُطْلَقُ عَلَى مُطْلَقِ الزَّمَانِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا أَوْ أَنَّ النَّذْرَ كَانَ لِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَكِنْ يُكْتَفَى بِذِكْرِ أَحَدِهِمَا مِنْ ذِكْرِ الْآخَرِ فَرِوَايَةُ يَوْمٍ أَيْ بِلَيْلَتِهِ وَرِوَايَةُ لَيْلَةٍ أَيْ مَعَ يَوْمِهَا
فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ حُجَّةً عَلَى مَنْ شَرَطَ الصَّوْمَ فِي الِاعْتِكَافِ لِأَنَّ اللَّيْلَ لَيْسَ مَحِلًّا لِلصَّوْمِ (أَوْفِ بِنَذْرِكَ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَاعْتَكِفْ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِالنَّذْرِ مِنَ الْكَافِرِ مَتَى أَسْلَمَ
وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا بَعْضُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ
وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لَا يَنْعَقِدُ النَّذْرُ مِنَ الْكَافِرِ
وَحَدِيثُ عُمَرَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ
وَقَدْ أَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا عُرِفَ أَنَّ عُمَرَ قَدْ تَبَرَّعَ بِفِعْلِ ذَلِكَ أَذِنَ لَهُ بِهِ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ طَاعَةٌ وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْجَوَابِ مِنْ مُخَالَفَةِ الصَّوَابِ
وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِالْوَفَاءِ اسْتِحْبَابًا لَا وُجُوبًا
وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يَصْلُحُ لِمَنِ ادَّعَى عَدَمَ الِانْعِقَادِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ وَقَدْ وَقَعَ فِي الصَّحِيحِ أَيْضًا أَنِ أعتكف يوما انتهى
٧ - (بَاب مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ)
[٣٣٢٣] أَيْ لَمْ يُعَيِّنْهُ
(كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ) أَيْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ وَلَمْ يُسَمِّ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ
وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ كَفَّارَةُ النَّذْرِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ انتهى
وفي حديث بن عَبَّاسٍ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ وَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ فَحَمَلَهُ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا عَلَى نَذْرِ اللجاج وهو أن يقول إنسان يريد لامتناع مِنْ كَلَامِ زَيْدٍ مِثْلًا إِنْ كَلَّمْتُ