وَبَيْنَهُ فَإِنَّ النَّصِيحَةَ فِي الْمَلَأِ فَضِيحَةٌ وَأَيْضًا هُوَ يُرِي مِنْ أَخِيهِ مَا لَا يَرَاهُ مِنْ نَفْسِهِ كَمَا يَرْسُمُ فِي الْمِرْآةِ مَا هُوَ مُخْتَفٍ عَنْ صَاحِبِهِ فَيَرَاهُ فِيهَا أَيْ إِنَّمَا يَعْلَمُ الشَّخْصُ عَيْبَ نَفْسِهِ بِإِعْلَامِ أَخِيهِ كَمَا يَعْلَمُ خَلَلَ وَجْهِهِ بِالنَّظَرِ فِي الْمِرْآةِ (يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ) أَيْ يَمْنَعُ تَلَفَهُ وَخُسْرَانَهُ فَهُوَ مَرَّةٌ مِنَ الضَّيَاعِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ وَضَيْعَةُ الرَّجُلِ مَا يَكُونُ مِنْ مَعَاشِهِ كَالصَّنْعَةِ وَالتِّجَارَةِ وَالزِّرَاعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ أَيْ يَجْمَعُ إِلَيْهِ مَعِيشَتَهُ وَيَضُمُّهَا لَهُ (وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ) أَيْ يَحْفَظُهُ وَيَصُونُهُ وَيَذُبُّ عَنْهُ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو محمد المدني مولى الأسلميين
قال بن مَعِينٍ لَيْسَ بِذَلِكَ الْقَوِيِّ يَكْتُبُ حَدِيثَهُ وَقَالَ النَّسَائِيُّ ضَعِيفٌ
٨ - (بَاب فِي إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ [٤٩١٩])
(أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ) أَيْ بِعَمَلٍ أَفْضَلَ دَرَجَةٍ (قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ) أَيْ أَخْبِرْنَا (قَالَ إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ) أَيْ أَحْوَالُ بَيْنِكُمْ يَعْنِي مَا بَيْنَكُمْ مِنَ الْأَحْوَالِ أُلْفَةٌ وَمَحَبَّةٌ كقوله تعالى والله عليم بذات الصدور وَهِيَ مُضْمَرَاتُهَا
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِذَاتِ الْبَيْنِ الْمُخَاصَمَةُ وَالْمُهَاجَرَةُ بَيْنَ اثْنَيْنِ بِحَيْثُ يَحْصُلُ بَيْنَهُمَا بَيْنٌ أَيْ فُرْقَةٌ وَالْبَيْنُ مِنَ الْأَضْدَادِ الْوَصْلُ وَالْفَرْقُ (وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ) أَيْ هِيَ الْخَصْلَةُ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَحْلِقَ الدِّينَ وَتَسْتَأْصِلَهُ كَمَا يَسْتَأْصِلُ الْمُوسَى الشَّعْرَ
وَفِي الْحَدِيثِ حَثٌّ وَتَرْغِيبٌ فِي إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَاجْتِنَابٌ عَنِ الْإِفْسَادِ فِيهَا لِأَنَّ الْإِصْلَاحَ سَبَبٌ لِلِاعْتِصَامِ بِحَبْلِ اللَّهِ وَعَدَمِ التَّفَرُّقِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ ثُلْمَةٌ فِي الدِّينِ فَمَنْ تَعَاطَى إِصْلَاحَهَا وَرَفَعَ فَسَادَهَا نَالَ دَرَجَةً فَوْقَ مَا يَنَالُهُ الصَّائِمُ الْقَائِمُ الْمُشْتَغِلُ بِخُوَيْصَةِ نَفْسِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ صَحِيحٌ وَقَالَ أَيْضًا وَيُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ هِيَ الْحَالِقَةُ لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ
[٤٩٢٠] (أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ شَبُّويَةَ) بِمُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةِ بَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ ثَقِيلَةٌ مَضْمُومَةٌ (عَنْ أُمِّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute