بِفَتْحِ الْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ تَامًّا فَهُوَ كَيَدٍ وَبِكَسْرِهَا حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ أَيْ مُكَمَّلًا عَطَاؤُهُ (طَيِّبَةً) أَيْ رَاضِيَةً غَيْرَ شَحِيحَةٍ (بِهِ) أَيْ بِالْعَطَاءِ (حَتَّى يَدْفَعَهُ) عَطْفٌ عَلَى يُعْطِي فَالْخَازِنُ مُبْتَدَأٌ وَمَا بَعْدَهُ صِفَاتٌ لَهُ وَخَبَرُهُ أَحَدُ المتصدقين وهذه الأوصاف لابد مِنِ اعْتِبَارِهَا فِي تَحْصِيلِ أَجْرِ الصَّدَقَةِ لِلْخَازِنِ فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا لَمْ تَصِحَّ مِنْهُ نِيَّةُ التَّقَرُّبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُ الْخِيَانَةِ فَكَيْفَ يَحْصُلُ لَهُ أَجْرُ الصَّدَقَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَفْسُهُ بِذَلِكَ طَيِّبَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَلَا يُؤْجَرُ (أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ لَمْ نَرْوِهِ إِلَّا بِالتَّثْنِيَةِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْخَازِنَ بِمَا فَعَلَ مُتَصَدِّقٌ وَصَاحِبُ الْمَالِ مُتَصَدِّقٌ آخَرُ فَهُمَا مُتَصَدِّقَانِ
قَالَ وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ عَلَى الْجَمْعِ فَتُكْسَرُ الْقَافُ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُتَصَدِّقٌ مِنْ جُمْلَةِ الْمُتَصَدِّقِينَ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُشَارَكَةَ فِي الطَّاعَةِ تُوجِبُ الْمُشَارَكَةَ فِي الْأَجْرِ وَمَعْنَى الْمُشَارَكَةِ أَنَّ لَهُ أَجْرًا كَمَا أَنَّ لِصَاحِبِهِ أَجْرًا وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُزَاحِمَهُ فِي أَجْرِهِ بَلِ الْمُرَادُ الْمُشَارَكَةُ فِي الطَّاعَةِ فِي أَصْلِ الثَّوَابِ فَيَكُونُ لِهَذَا ثَوَابٌ وَلِهَذَا ثَوَابٌ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِقْدَارُ ثَوَابِهِمَا سَوَاءً بَلْ قَدْ يَكُونُ ثَوَابُ هَذَا أَكْثَرَ وَقَدْ يَكُونُ عَكْسُهُ فَإِذَا أَعْطَى الْمَالِكُ خَازِنَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ نَحْوَهَا لِيُوصِلَهَا إِلَى مُسْتَحِقٍّ لِلصَّدَقَةِ عَلَى بَابِ دَارِهِ فَأَجْرُ الْمَالِكِ أَكْثَرُ وَإِنْ أَعْطَاهُ رُمَّانَةً أَوْ رَغِيفًا أَوْ نَحْوَهُمَا حَيْثُ لَيْسَ لَهُ كَثِيرُ قِيمَةٍ لِيَذْهَبَ بِهِ إِلَى مُحْتَاجٍ فِي مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ بِحَيْثُ يُقَابِلُ ذَهَابُ الْمَاشِي إِلَيْهِ أَكْثَرَ مِنَ الرُّمَّانَةِ وَنَحْوِهَا فَأَجْرُ الْخَازِنِ أَكْثَرُ وَقَدْ يَكُونُ الذَّهَابُ مِقْدَارَ الرمانة فيكون الأجر سواء
قال بن رَسْلَانَ وَيَدْخُلُ فِي الْخَازِنِ مَنْ يَتَّخِذُهُ الرَّجُلُ عَلَى عِيَالِهِ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ عَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَغُلَامٍ وَمَنْ يَقُومُ عَلَى طَعَامِ الضِّيفَانِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
٤ - (بَاب الْمَرْأَةِ)
الخ [١٦٨٥] (إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ) أَيْ تَصَدَّقَتْ كَمَا فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ (غَيْرَ مُفْسِدَةٍ) نُصِبَ عَلَى الْحَالِ أَيْ غَيْرَ مُسْرِفَةٍ فِي التَّصَدُّقِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى إِذْنِ الزَّوْجِ لَهَا بِذَلِكَ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً
وَقِيلَ هَذَا جَارٍ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ فَإِنَّ عَادَاتِهِمْ أَنْ يَأْذَنُوا لِزَوْجَاتِهِمْ وَخَدَمِهِمْ بِأَنْ يُضَيِّفُوا الْأَضْيَافَ وَيُطْعِمُوا السَّائِلَ وَالْمِسْكِينَ وَالْجِيرَانَ فَحَرَّضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ عَلَى هَذِهِ الْعَادَةِ الْحَسَنَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute