وَقِيلَ يُطْرَحُ السِّدْرُ فِي الْمَاءِ أَيْ لِئَلَّا يُمَازِجَ الْمَاءَ فَيُغَيِّرَ وَصْفَ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ
وَتَمَسَّكَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ فَقَالَ غُسْلُ الْمَيِّتِ إِنَّمَا هُوَ لِلتَّنْظِيفِ فَيَجْزِي الْمَاءُ الْمُضَافُ كَمَاءِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ وَقَالُوا إِنَّمَا يُكْرَهُ لِأَجْلِ السَّرَفِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ غُسْلٌ تَعَبُّدِيٌّ يُشْتَرَطُ فيه ما يشترط في الاغتسال الْوَاجِبَةِ وَالْمَنْدُوبَةِ كَذَا فِي سُبُلِ السَّلَامِ (بِالْمَاءِ وَالْكَافُورِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُجْعَلُ الْكَافُورُ فِي الْمَاءِ وَلَا يَضُرُّ الْمَاءَ تُغَيُّرُهُ وَقِيلَ فِيهِ قَوْلٌ آخَرُ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
٣ - (بَاب فِي الْكَفَنِ)
[٣١٤٨] أَيْ هَذَا بَابٌ فِي اسْتِحْبَابِ إِحْسَانِ الْكَفَنِ مِنْ غَيْرِ مُغَالَاةٍ
(فَكُفِّنَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ التَّفْعِيلِ (غَيْرِ طَائِلٍ) أَيْ حَقِيرٍ غَيْرِ كَامِلِ السِّتْرِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ (أَنْ يُقْبَرَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْإِفْعَالِ أَيْ يُدْفَنَ (حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ بِفَتْحِ اللَّامِ
قَالَهُ النَّوَوِيُّ أَيْ مَعَ الْجَمَاعَةِ الْعَظِيمَةِ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَأَمَّا النَّهْيُ عَنِ الْقَبْرِ لَيْلًا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ فَقِيلَ سَبَبُهُ أَنَّ الدَّفْنَ نَهَارًا يَحْضُرُهُ كَثِيرُونَ مِنَ النَّاسِ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَلَا يَحْضُرُهُ فِي اللَّيْلِ إِلَّا أَفْرَادٌ وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِاللَّيْلِ لِرَدَاءَةِ الْكَفَنِ فَلَا يَبِينُ فِي اللَّيْلِ وَيُؤَيِّدُهُ أَوَّلُ الْحَدِيثِ وَآخِرُهُ
قَالَ الْقَاضِي الْعِلَّتَانِ صَحِيحَتَانِ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَدَهُمَا مَعًا
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الدَّفْنِ فِي اللَّيْلِ فَكَرِهَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إِلَّا لِضَرُورَةٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا يُسْتَدَلُّ لَهُ بِهِ
وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ لَا يُكْرَهُ وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَمَاعَةً مِنَ السَّلَفِ دُفِنُوا لَيْلًا مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ وَبِحَدِيثِ الْمَرْأَةِ السَّوْدَاءِ أَوِ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَتُوُفِّيَ بِاللَّيْلِ فَدَفَنُوهُ لَيْلًا وَسَأَلَهُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ قَالُوا تُوُفِّيَ لَيْلًا فَدَفَنَّاهُ فِي اللَّيْلِ فَقَالَ أَلَا آذَنْتُمُونِي قَالُوا كَانَتْ ظُلْمَةً وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِمْ وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّهْيَ كَانَ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ مُجَرَّدِ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ وَإِنَّمَا نَهَى لِتَرْكِ الصَّلَاةِ أَوْ لِقِلَّةِ الْمُصَلِّينَ أَوْ عَنْ إِسَاءَةِ الْكَفَنِ أَوْ عَنِ الْمَجْمُوعِ انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ وَقَوْلُهُ حَتَّى يُصَلِّي عَلَيْهِ مَضْبُوطٌ بِكَسْرِ اللَّامِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا سَبَبٌ آخَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute