٢٦ - (باب الصبر عند المصيبة)
[٣١٢٤] (فَقَالَ) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَهَا) أَيْ للإمرأة الْبَاكِيَةِ (وَاصْبِرِي) حَتَّى تُؤْجَرِي (فَقَالَتِ) الْمَرْأَةُ الْبَاكِيَةُ جَاهِلَةً بِمَنْ يُخَاطِبُهَا وَظَانَّةً أَنَّهُ مِنْ آحَادِ النَّاسِ (وَمَا تُبَالِي) بِصِيغَةِ الْمُخَاطَبِ الْمَعْرُوفِ مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ يُقَالُ بَالَاهُ وَبَالَى بِهِ مُبَالَاةً أَيِ اهْتَمَّ بِهِ وَاكْتَرَثَ لَهُ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُقَالُ مَا بَالَيْتُهُ وَمَا بَالَيْتُ بِهِ أَيْ لَمْ أَكْتَرِثْ بِهِ
انْتَهَى
وَالْمَعْنَى أَنْتَ لَا تُبَالِي بِمُصِيبَتِي وَلَا تَعْبَأُ بِهَا وَلَا تَعْتَنِي وَلَا تَهْتَمُّ بِشَأْنِهَا
قَالَ أَصْحَابُ اللُّغَةِ اكْتَرَثَ لَهُ بَالَى بِهِ يُقَالُ هُوَ لَا يَكْتَرِثُ لِهَذَا الْأَمْرِ أَيْ لَا يَعْبَأُ بِهِ وَلَا يُبَالِيهِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ الِاكْتِرَاثُ الِاعْتِنَاءُ
وَلَفْظُ الْمَصَابِيحِ مِنْ رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ أَيْ لَمْ تُبْتَلَ (بِمُصِيبَتِي) أَيْ بِعَيْنِهَا أَوْ بِمِثْلِهَا عَلَى زَعْمِهَا (فَقِيلَ لَهَا) أَيْ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَنَدِمَتْ (فَأَتَتْهُ) أَيِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بَوَّابِينَ) كَمَا هُوَ عَادَةُ الْمُلُوكِ الْجَبَابِرَةِ (لَمْ أَعْرِفْكَ) أَيْ فَلَا تَأْخُذْ عَلَيَّ
قَالَ الطِّيبِيُّ كَأَنَّهَا لَمَّا سَمِعَتْ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَهَّمَتْ أَنَّهُ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُلُوكِ فَقَالَتِ اعْتِذَارًا لم أعرفك قاله القارىء (فَقَالَ) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الْأُولَى) مَعْنَاهُ الصَّبْرُ الْكَامِلُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ الْجَزِيلُ لِكَثْرَةِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ
وَأَصْلُ الصَّدْمِ الضَّرْبُ فِي شَيْءٍ صُلْبٍ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ مَجَازًا فِي كُلِّ مَكْرُوهٍ حَصَلَ بَغْتَةً
قاله النووي
وقال القارىء مَعْنَاهُ عِنْدَ الْحَمْلَةِ الْأُولَى وَابْتِدَاءِ الْمُصِيبَةِ وَأَوَّلِ لُحُوقِ الْمَشَقَّةِ وَإِلَّا فَكُلُّ أَحَدٍ يَصْبِرُ بَعْدَهَا
انْتَهَى
قَالَ الْحَافِظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ مِنْهَا مَا كَانَ فِيهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ التَّوَاضُعِ وَالرِّفْقِ بِالْجَاهِلِ وَمُسَامَحَةِ الْمُصَابِ وَقَبُولِ اعْتِذَارِهِ وَمُلَازَمَةِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ