الْحَافِظُ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رَوَى جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّسَبِ وَالسِّيَرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم استخلف بن أُمِّ مَكْتُومٍ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَرَّةً فِي غَزَوَاتِهِ مِنْهَا غَزْوَةُ الْأَبْوَاءِ وَبُوَاطٌ وَذُو الْعَسِيرَةِ وَخُرُوجُهُ إِلَى جُهَيْنَةَ فِي طَلَبِ كُرْزِ بْنِ جَابِرٍ وَغَزْوَةُ السَّوِيقِ وَغَطَفَانُ وَأُحُدٌ وَحَمْرَاءُ الْأَسَدِ وَنَجْرَانُ وَذَاتُ الرِّقَاعِ وَاسْتَخْلَفَهُ حِينَ سَارَ إِلَى بَدْرٍ ثُمَّ رَدَّ إِلَيْهَا أَبَا لُبَابَةَ وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَيْهَا وَاسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ أَيْضًا فِي مَسِيرَتِهِ إِلَى حَجَّةِ الْوَدَاعِ
قال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَأَمَّا قَوْلُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ بن أُمَّ مَكْتُومٍ عَلَى الْمَدِينَةِ مَرَّتَيْنِ فَلَمْ يَبْلُغْهُ ما بلغ غيره
قاله الحافظ بن الأثير وبن حَجَرٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ عِمْرَانُ بْنُ داود القطان وقد ضعفه بن مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ وَوَثَّقَهُ عُثْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا وَلَّاهُ لِلصَّلَاةِ بِالْمَدِينَةِ دُونَ الْقَضَاءِ فَإِنَّ الضَّرِيرَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ لِأَنَّهُ لَا يُدْرِكُ الْأَشْخَاصَ وَلَا يُثْبِتُ الْأَعْيَانَ وَلَا يَدْرِي لِمَنْ يَحْكُمُ وَهُوَ مُقَلَّدٌ فِي كُلِّ مَا يَلِيهِ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ وَالْحُكْمُ بِالتَّقْلِيدِ غَيْرُ جَائِزٍ
وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا وَلَّاهُ الْإِمَامَةَ بِالْمَدِينَةِ إِكْرَامًا لَهُ وَأَخْذًا بِالْأَدَبِ فِيمَا عَاتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي أَمْرِهِ فِي قوله عبس وتولى أن جاءه الأعمى وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إِمَامَةَ الضَّرِيرِ غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
([٢٩٣٢] بَاب فِي اتِّخَاذِ الْوَزِيرِ)
وَهُوَ مَنْ يُؤَازِرُ الْأَمِيرَ فَيَحْمِلُ عَنْهُ مَا حَمَلَهُ مِنَ الْأَثْقَالِ وَمَنْ يَلْتَجِئُ الْأَمِيرُ إِلَى رَأْيِهِ وَتَدْبِيرِهِ فَهُوَ مَلْجَأٌ لَهُ وَمَفْزَعٌ
قَالَهُ فِي الْمَجْمَعِ
(الْمُرِّيُّ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُزَنِيُّ وَكَذَلِكَ فِي الْخُلَاصَةِ (بِالْأَمِيرِ) أَيْ بِمَنْ يَكُونُ أَمِيرًا (خَيْرًا) أَيْ فِي الدُّنْيَا وَالْعُقْبَى (وَزِيرَ صِدْقٍ) أَيْ صَادِقًا فِي النُّصْحِ لَهُ وَلِرَعِيَّتِهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَزِيرًا صَالِحًا لِرِوَايَةِ النَّسَائِيِّ جَعَلَ لَهُ وَزِيرًا صَالِحًا وَلَمْ يُرِدْ بِالصِّدْقِ الِاخْتِصَاصَ بِالْقَوْلِ فَقَطْ بَلْ يَعُمُّ الْأَقْوَالَ وَالْأَفْعَالَ
قَالَهُ الْعَزِيزِيُّ (إِنْ نَسِيَ) أَيِ الْأَمِيرُ حُكْمَ اللَّهِ (ذَكَّرَهُ) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ أَخْبَرَ الْأَمِيرَ به
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute