بِالدِّينِ مِنَ الْفِتَنِ وَكَأَنَّ الْمُهَاجِرِينَ خُوطِبُوا بِذَلِكَ لِئَلَّا يَتَّكِلُوا عَلَى مُجَرَّدِ التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَمْتَثِلُوا أَوَامِرَ الشَّرْعِ وَنَوَاهِيَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قِيلَ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْهِجْرَةِ لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةَ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْهِجْرَةِ تَحْصُلُ لِمَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
٤ - (بَاب فِي سُكْنَى الشَّامِ)
[٢٤٨٢] (هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ الْهِجْرَةُ إِلَى الشَّامِ يُرَغِّبُهَا فِي الْقِيَامِ بِهَا وَهِيَ مُهَاجَرُ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِمَا وَسَلَّمَ (مُهَاجَرُ إِبْرَاهِيمَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهُوَ الشَّامُ (تَلْفِظُهُمْ) بِكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ تَقْذِفُهُمْ وَتَرْمِيهِمْ يُقَالُ قَدْ لَفَظَ الشَّيْءَ لَفْظًا إِذَا رَمَاهُ (أَرْضُوهُمْ) جَمْعُ أَرْضٍ (تَقْذَرُهُمْ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تَكْرَهُهُمْ (نَفْسُ اللَّهِ) بِسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ ذَاتُهُ تَعَالَى
قَالَ الْخَطَّابِيُّ تَأْوِيلُهُ أَنَّ اللَّهَ يَكْرَهُ خُرُوجَهُمْ إِلَيْهَا وَمُقَامَهُمْ بِهَا فَلَا يُوَفِّقُهُمْ لِذَلِكَ فَصَارُوا بِالرَّدِّ وَعَدَمِ الْقَبُولِ فِي مَعْنَى الشَّيْءِ الَّذِي تَقْذُرُهُ نَفْسُ الإنسان وذكر النفس ها هنا مَجَازٌ وَاتِّسَاعٌ فِي الْكَلَامِ وَهَذَا شَبِيهٌ بِمَعْنَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين انْتَهَى
قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُقَالُ قَذَرْتُ الشَّيْءَ أَقْذُرُهُ إِذَا كَرِهْتُهُ وَاجْتَنَبْتُهُ انْتَهَى (وَتَحْشُرُهُمُ النَّارُ مَعَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ) أَيْ تَجْمَعُهُمْ وَتَسُوقُهُمُ النَّارُ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وقد رواه بن حِبَّانَ فِي صَحِيحه
وَرَوَى الْوَلِيد بْن مُسْلِم عَنْ عُقْبَة بْن عُثْمَان أَنَّهُ سَمِعَ سُلَيْم بْن عَامِرٍ يُحَدِّث عَنْ أَبِي أُمَامَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَأَيْت عَمُود الْكِتَاب اُنْتُزِعَ مِنْ تَحْت وِسَادَتِي فَأَتْبَعْته بَصَرِي فَإِذَا هُوَ نُور سَاطِعٌ حَتَّى ظَنَنْت أَنَّهُ قَدْ هَوَى بِهِ فَعَمَد بِهِ إِلَى الشَّام وَإِنِّي أَوَّلْت ذَلِكَ أَنَّ الْفِتَن إِذَا وَقَعَتْ أَنَّ الْإِيمَان بِالشَّامِ رَوَاهُ أَحْمَد فِي مُسْنَده
وَرَوَى شُعْبَة عَنْ مُعَاوِيَة بْن قُرَّة عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute