للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دعوى الاختصاص تَفْتَقِرُ إِلَى دَلِيلٍ وَمِنْهَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَعْتَقَهَا بِشَرْطِ أَنْ يَنْكِحَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ فَلَزِمَهَا الْوَفَاءُ بِذَلِكَ وَيَكُونَ خَاصًّا بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا تَعَسُّفٌ لَا مَلْجَأَ إِلَيْهِ

وَبَالْجُمْلَةِ فَلَيْسَ جَوَابٌ مِنْهَا سَالِمًا مِنْ خَدْشِهِ

وَالْحَامِلُ لِمَنْ خَالَفَ الْحَدِيثَ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْأَجْوِبَةِ الْمَخْدُوشَةِ ظَنَّ مُخَالَفَتَهُ لِلْقِيَاسِ قَالُوا لِأَنَّ الْعَقْدَ إِمَّا أَنْ يَقَعَ قَبْلَ عِتْقِهَا وَهُوَ مُحَالٌ لِتَنَاقُضِ حُكْمِ الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ أَوْ بَعْدَهُ وَذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ لَهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعَقْدَ يَكُونُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَإِذَا وَقَعَ مِنْهَا الِامْتِنَاعُ لَزِمَتْهَا السِّعَايَةُ بِقِيمَتِهَا وَلَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ

وَالْحَقُّ الَّذِي لَا مَحِيصَ عَنْهُ هُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ مِنْ صِحَّةِ جَعْلِ الْعِتْقِ صَدَاقَ الْمُعْتَقَةِ وَلَيْسَ بِيَدِ الْمَانِعِ بُرْهَانٌ

وَقَدْ أَطَالَ الْبَحْثُ في هذه المسألة العلامة بن الْقَيِّمِ فِي الْهُدَى بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ إِنْ شِئْتَ الِاطِّلَاعَ فَارْجِعْ إِلَيْهِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَصَفِيَّةُ هِيَ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَلَا مَهْرَ لَهَا غَيْرَ الْعِتْقِ وَقَالَ آخَرُونَ كَانَ ذَلِكَ خَاصًّا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَبَاحَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ صَدَاقٍ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هِيَ بَالْخِيَارِ إِذَا أَعْتَقَهَا وَإِنِ امْتَنَعَتْ مِنْ تَزْوِيجِهِ فَلَهُ عَلَيْهَا قِيمَتُهَا

وَقَالَ بَعْضُهُمْ جُعِلَ عِتْقُهَا صَدَاقُهَا هُوَ قَوْلُ أَنَسٍ لَمْ يُسْنِدْهُ وَلَعَلَّهُ تَأْوِيلٌ مِنْهُ إِذَا لَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

انْتَهَى

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ الطبري من الشافعية وبن الْمُرَابِطِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَمَنْ تَبِعَهُمَا إِنَّهُ قَوْلُ أَنَسٍ قَالَهُ ظَنًّا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَرُبَّمَا تَأَيَّدَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ بِمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمَيْمَةَ وَيُقَالُ أَمَةُ اللَّهِ بِنْتُ رُزَيْنَةَ عَنْ أُمِّهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَخَطَبَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَأَمْهَرَهَا رُزَيْنَةَ وَكَانَ أَتَى بِهَا مَسْبِيَّةً مِنْ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ وَهَذَا لَا يَقُومُ حُجَّةً لِضَعْفِ إِسْنَادِهِ وَيُعَارِضُهُ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ مِنْ حَدِيثِ صَفِيَّةَ نَفْسِهَا قَالَتْ أَعْتَقَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ عِتْقِي صَدَاقِي

وَهَذَا مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ أَنَسٍ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ أَنَسًا قَالَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا ظَنَّهُ انْتَهَى

(بَاب يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ)

[٢٠٥٥] (يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَيُكْسَرُ وَأَنْكَرَ الْأَصْمَعِيُّ الْكَسْرَ مَعَ الْهَاءِ وَفِعْلُهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>