(مِنَ الْمُسَبِّحَاتِ) أَيْ مَا فِي أَوَّلِهِ سَبِّحْ وَيُسَبِّحُ (فَأَقْرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا زلزلت الأرض حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ الرَّجُلُ قَالَ الطِّيبِيُّ كَأَنَّهُ طَلَبَهُ لِمَا يَحْصُلُ بِهِ الْفَلَاحُ إِذَا عَمِلَ بِهِ فَلِذَلِكَ قَالَ سُورَةٌ جَامِعَةٌ وَفِي هَذِهِ السُّورَةِ آيَةٌ زَائِدَةٌ لَا مَزِيدَ عَلَيْهَا فَمَنْ يعمل مثقال ذرة خيرا يره وَلِأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الَّذِي لَا حَدَّ لَهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سُئِلَ عَنِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا هَذِهِ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذرة شرا يره قَالَ الطِّيبِيُّ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهَا وَرَدَتْ لِبَيَانِ الِاسْتِقْصَاءِ فِي عَرْضِ الْأَعْمَالِ وَالْجَزَاءِ عَلَيْهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (لَا أَزِيدُ عَلَيْهِ أَبَدًا) أَيْ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا أَقْرَأْتَنِيهِ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ وَتَرْكِ الشَّرِّ وَلَعَلَّ الْقَصْدَ بِالْحَلِفِ تَأْكِيدُ الْعَزْمِ لَا سِيَّمَا بِحُضُورِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بِمَنْزِلَةِ الْمُبَايَعَةِ وَالْعَهْدِ (ثُمَّ أَدْبَرَ) أَيْ وَلَّى دُبُرَهُ وَذَهَبَ (أَفْلَحَ) أَيْ فَازَ بِالْمَطْلُوبِ (الرُّوَيْجِلُ) قَالَ الطِّيبِيُّ تَصْغِيرُ تَعْظِيمٍ لِبُعْدِ غَوْرِهِ وَقُوَّةِ إِدْرَاكِهِ وَهُوَ تَصْغِيرٌ شَاذٌّ إِذْ قِيَاسُهُ رُجَيْلٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَصْغِيرُ رَاجِلٍ بِالْأَلِفِ بِمَعْنَى الْمَاشِي (مَرَّتَيْنِ) إِمَّا لِلتَّأْكِيدِ أَوْ مَرَّةً لِلدُّنْيَا وَمَرَّةً لِلْأُخْرَى وَقِيلَ لِشِدَّةِ إِعْجَابِهِ عليه الصلاة والسلام منه قاله علي القارىء
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(بَابٌ فِي عَدَدِ الْآيِ (ثَلَاثُونَ آيَةً))
[١٤٠٠] خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هِيَ ثَلَاثُونَ وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ لَهَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ
قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ ثَلَاثُونَ الْخَبَرُ الْأَوَّلُ وَتَشْفَعُ الْخَبَرُ الثَّانِي
وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ الْبَسْمَلَةُ لَيْسَتْ مِنَ السُّورَةِ وَآيَةٌ تَامَّةٌ مِنْهَا لِأَنَّ كَوْنَهَا ثَلَاثِينَ آيَةً إِنَّمَا يَصِحُّ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهَا آيَةً تَامَّةً مِنْهَا وَالْحَالُ أَنَّهَا ثَلَاثُونَ مِنْ غَيْرِ كَوْنِهَا آيَةً تَامَّةً فَهِيَ إِمَّا لَيْسَتْ بِآيَةٍ مِنْهَا كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute