رَثَيْتُ الْمَيِّتَ مَرْثِيَّةً إِذَا عَدَدْتُ مَحَاسِنَهُ وَرَثَأْتُ بِالْهَمْزَةِ لُغَةٌ فِيهِ
فَإِنْ قِيلَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المرائى كما رواه أحمد وبن مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ فَإِذَا نُهِيَ عَنْهُ كَيْفَ يَفْعَلُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَرْثِيَّةَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا مَا فِيهِ مَدْحُ الْمَيِّتِ وَذِكْرُ مَحَاسِنِهِ الْبَاعِثُ عَلَى تَهْيِيجِ الْحُزْنِ وَتَجْدِيدِ اللَّوْعَةِ أَوْ فِعْلِهَا مَعَ الِاجْتِمَاعِ لَهَا أَوْ عَلَى الْإِكْثَارِ مِنْهَا دُونَ مَا عَدَا ذَلِكَ وَالْمُرَادُ هُنَا تَوَجُّعُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَتَحَزُّنُهُ عَلَى سَعْدٍ لِكَوْنِهِ مَاتَ بِمَكَّةَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ مِنْهَا وَلَا مَدْحَ الْمَيِّتِ لِتَهْيِيجِ الْحُزْنِ كَذَا ذَكَرَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ (أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ لِأَجْلِ مَوْتِهِ بِأَرْضٍ هَاجَرَ مِنْهَا وَكَانَ يَكْرَهُ مَوْتَهُ بِهَا فَلَمْ يُعْطَ ما تمنى
قال بن بَطَّالٍ وَأَنَّ قَوْلَهُ يَرْثِي لَهُ فَهُوَ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنَّ الْبَائِسَ إِلَخْ أَيْ رَثَى لَهُ حِينَ مَاتَ بِمَكَّةَ وَكَانَ يَهْوَى أَنْ يَمُوتَ بِغَيْرِهَا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
([٢٨٦٥] بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْإِضْرَارِ فِي الْوَصِيَّةِ)
(أَنْ تَصَدَّقَ) بِتَخْفِيفِ الصَّادِ عَلَى حَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ وَأَصْلُهُ أَنْ تَتَصَدَّقَ وَبِالتَّشْدِيدِ عَلَى إِدْغَامِهَا
قَالَهُ الْحَافِظُ (وَأَنْتَ صَحِيحٌ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (تَأْمُلُ الْبَقَاءَ) بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ أَيْ تَطْمَعُ فِيهِ (وَلَا تُمْهِلْ) بِالْجَزْمِ بِلَا النَّاهِيَةِ وَبِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ نَفْيٌ وَيَجُوزُ النَّصْبُ (حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ) أَيِ الرُّوحُ أَيْ قَارَبَتْ أَيْ عِنْدَ الْغَرْغَرَةِ
قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ (الْحُلْقُومَ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مَجْرَى النَّفَسِ (وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ) أَيْ قَدْ صَارَ مَا أَوْصَى بِهِ لِلْوَارِثِ فَيُبْطِلُهُ إِنْ شَاءَ إِذَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ أَوْصَى بِهِ لِوَارِثٍ آخَرَ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالثَّلَاثَةِ مَنْ يُوصَى لَهُ وَإِنَّمَا أَدْخَلَ كَانَ فِي الْأَخِيرِ إِشَارَةً إِلَى تَقْدِيرِ الْقَدْرِ لَهُ
قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[٢٨٦٦] (لَأَنْ يَتَصَدَّقَ الْمَرْءُ إِلَخْ) لِأَنَّهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ يَشُقُّ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ مَالِهِ لِمَا يُخَوِّفُهُ بِهِ الشَّيْطَانُ