لِئَلَّا يَقَعَ فِي مَهْلَكَةٍ أَوْ فَتَحَ عَلَى إِمَامِهِ أَوْ سَبَّحَ لِمَنْ مَرَّ بِهِ أَوْ رَدَّ السَّلَامَ أَوْ أَجَابَ دَعْوَةَ أَحَدِ وَالِدَيْهِ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكَلَامِ أَوْ تَقَرَّبَ بِقُرْبَةٍ كَأَعْتَقْتُ عَبْدِي لِلَّهِ فَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ خِلَافٌ محل بسطه كتب الفقه
قال بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ الْفَرْقُ بَيْنَ قَلِيلِ الْفِعْلِ لِلْعَامِدِ فَلَا يُبْطِلُ وَبَيْنَ قَلِيلِ الْكَلَامِ أَنَّ الْفِعْلَ لَا تَخْلُو مِنْهُ الصَّلَاةُ غَالِبًا لِمَصْلَحَتِهَا وَتَخْلُو مِنَ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ غَالِبًا مُطَّرِدٌ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
٨ - (بَاب فِي صَلَاةِ الْقَاعِدِ)
[٩٥٠] (قَالَ حُدِّثْتُ) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَيْ حَدَّثَنِي النَّاسُ مِنَ الصَّحَابَةِ (صَلَاةَ الرَّجُلِ قَاعِدًا نِصْفُ الصَّلَاةِ) أَيْ قَائِمًا
قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ ثَوَابَ الْقَاعِدِ فِيهَا نِصْفُ ثَوَابِ الْقَائِمِ فَيَتَضَمَّنُ صِحَّتَهَا وَنُقْصَانَ أَجْرِهَا
قَالَ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى صَلَاةِ النَّفْلِ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ فَهَذَا لَهُ نِصْفُ ثَوَابِ الْقَائِمِ وَأَمَّا إِذَا صَلَّى النَّفْلَ قَاعِدًا لِعَجْزِهِ عَنِ الْقِيَامِ فَلَا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ بَلْ يَكُونُ كَثَوَابِهِ قَائِمًا وَأَمَّا الْفَرْضُ فَإِنَّ الصَّلَاةَ قَاعِدًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ لَمْ يَصِحَّ فَلَا يَكُونُ فِيهِ ثَوَابٌ بَلْ يَأْثَمُ
قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِنِ اسْتَحَلَّهُ كَفَرَ وَجَرَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّينَ كَمَا لَوِ اسْتَحَلَّ الرِّبَا وَالزِّنَا أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ الشَّائِعَةِ التَّحْرِيمِ وَإِنْ صَلَّى الْفَرْضَ قَاعِدًا لِعَجْزِهِ عَنِ الْقِيَامِ أَوْ مُضْطَجِعًا لِعَجْزِهِ عَنِ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ فَثَوَابُهُ كَثَوَابِهِ قَائِمًا لَا يَنْقُصُ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا فَيَتَعَيَّنَ حَمْلُ الْحَدِيثِ فِي تَنْصِيفِ الثَّوَابِ عَلَى مَنْ صَلَّى النَّفْلَ قَاعِدًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ
هَذَا تَفْصِيلُ مَذْهَبِنَا وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ جَمَاعَةٍ منهم الثوري وبن الْمَاجِشُونِ وَحُكِيَ عَنِ الْبَاجِيِّ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى الْمُصَلِّي فَرِيضَةً لِعُذْرٍ أَوْ نَافِلَةً لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ
قَالَ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَنْ لَهُ عُذْرٌ يُرَخِّصُ فِي الْقُعُودِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ وَيُمْكِنُهُ الْقِيَامُ بِمَشَقَّةٍ
انْتَهَى (فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى رَأْسِي) أَيْ بِالتَّعَجُّبِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى رَأْسِهِ قال علي القارىء أَيْ لِيَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ وَكَأَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ مَانِعٌ مِنْ أَنْ يَحْضُرَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُسَمَّي خِلَافُ الْأَدَبِ عِنْدَ طَائِفَةِ الْعَرَبِ لِعَدَمِ تَكَلُّفِهِمْ وَكَمَالِ