٧ - (بَاب فِي ذَرَارِيِّ الْمُشْرِكِينَ)
أَيْ أَطْفَالِهِمْ إِذَا مَاتُوا قَبْلَ الْبُلُوغِ
وَذَرَارِيُّ جَمْعُ ذُرِّيَّةٍ وَهِيَ نَسْلُ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ
قَالَ الْأَكْثَرُونَ هُمْ فِي النَّارِ تَبَعًا لِآبَائِهِمْ وَتَوَقَّفَتْ طَائِفَةٌ فِيهِمْ وَالثَّالِثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُمْ من أهل الجنة
(والله أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ) أَيْ بِمَا هُمْ صَائِرُونَ إِلَيْهِ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ أو الترك بين المنزلتين قاله القارىء
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ يُوهِمُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُفْتِ السَّائِلَ عَنْهُمْ وَأَنَّهُ رَدَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ إِلَى عِلْمِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ قَدْ جَعَلَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَلْحَقَهُمْ بِالْكَافِرِينَ وَلَيْسَ هَذَا وَجْهَ الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ كُفَّارٌ مُلْحَقُونَ بِآبَائِهِمْ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ عَلِمَ لَوْ بَقُوا أَحْيَاءَ حَتَّى يَكْبَرُوا لَكَانُوا يَعْمَلُونَ عَمَلَ الْكُفَّارِ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ انْتَهَى
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
ذكر الشيخ بن الْقَيِّم رَحِمَهُ اللَّه حَدِيث عَائِشَة هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ ثُمَّ قَالَ حَدِيث عَائِشَة قُلْت يَا رَسُول اللَّه مِنْ رِوَايَة عَبْد اللَّه بْن أَبِي قَيْس مَوْلَى غُطَيْف عَنْهَا
وَلَيْسَ بِذَاكَ الْمَشْهُور وَرَوَاهُ عُمَر بْن ذَرّ عَنْ يَزِيد بْن أَبِي أُمَيَّة أَنَّ الْبَرَاء بْن عَازِب أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَة يَسْأَلهَا عَنْ الْأَطْفَال فَقَالَتْ الْحَدِيث هَكَذَا قَالَ مُسْلِم بْن قُتَيْبَة عَنْ عُمَر وَقَالَ غَيْره عَنْ عُمَر بْن ذَرّ عَنْ يَزِيد عَنْ رَجُل عَنْ الْبَرَاء
وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو عُقَيْل عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّل النَّاجِيّ عَنْ بُهَيَّة عَنْهَا أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَوْلَاد الْمُسْلِمِينَ أَيْنَ هُمْ قَالَ فِي الْجَنَّة وَسَأَلَتْهُ عَنْ أَوْلَاد الْمُشْرِكِينَ أَيْنَ هُمْ يَوْم الْقِيَامَة قَالَ فِي النَّار فَقُلْت لَمْ يُدْرِكُوا الْأَعْمَال ولم نجز عَلَيْهِمْ الْأَقْلَام قَالَ رَبّك أَعْلَم بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ شِئْت أَسْمَعْتُك تَضَاغِيهمْ فِي النَّار
فَحَدِيث وَاهٍ يُعَرِّف بِهِ وَاهٍ وَهُوَ أَبُو عُقَيْل
ثُمَّ ذَكَرَ الشَّيْخ بن الْقَيِّم رَحِمَهُ اللَّه أَحَادِيث الْبَاب إِلَى آخِره ثُمَّ قَالَ هَذَا مَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَفِي الْبَاب حَدِيث كُلّ مَوْلُود يُولَد عَلَى الْفِطْرَة لَفْظ الصَّحِيحَيْنِ فِيهِ مَا مِنْ مَوْلُود إِلَّا يُولَد عَلَى الْفِطْرَة وَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ الْحَدِيث
وَفِي لَفْظ آخَر مَا مِنْ مَوْلُود إِلَّا يُولَد عَلَى الْفِطْرَة فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُشَرِّكَانِهِ فَقَالَ آخَر أَرَأَيْت يَا رَسُول اللَّه لَوْ مَاتَ قَبْل ذَلِكَ قَالَ اللَّه أَعْلَم بِمَا كانوا عاملين