الْفَوَاتُ فَأَمَّا طَوَافُ الزِّيَارَةِ فَلَا يُخْشَى فَوَاتُهُ وَهَذَا كَقَوْلِهِ الْحَجُّ عَرَفَةُ أَيْ مُعْظَمُ الْحَجِّ هُوَ الْوُقُوفُ (وَقَضَى) ذَلِكَ الْحَاجُّ (تَفَثَهُ) مَفْعُولُ قَضَى قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ مِنَ الْمَنَاسِكِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ التَّفَثَ مَا يَصْنَعُهُ الْمُحْرِمُ عِنْدَ حِلِّهِ مِنْ تَقْصِيرِ شَعْرٍ أَوْ حَلْقِهِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ وَنَتْفِ الْإِبْطِ وَغَيْرِهِ مِنْ خِصَالِ الْفِطْرَةِ وَيَدْخُلُ فِي ضِمْنِ ذَلِكَ نَحْرُ الْبُدْنِ وَقَضَاءُ جَمِيعِ الْمَنَاسِكِ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي التَّفَثَ إِلَّا بَعْدَ ذَلِكَ
وَأَصْلُ التَّفَثِ الْوَسَخُ وَالْقَذَرُ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ وَقْفَةً بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ وَقَالَ أَصْحَابُ مَالِكٍ النَّهَارُ تَبِعَ اللَّيْلَ فِي الْوُقُوفِ فَمَنْ لَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَعَلَيْهِ حَجٌّ مِنْ قَابِلٍ
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ هَدْيٌ مِنَ الْإِبِلِ وَحَجَّةٌ تَامَّةٌ وَقَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ مَنْ صَدَرَ يَوْمَ عَرَفَةَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَحَجَّةٌ تَامَّةٌ كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فَمَنْ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا رَجَعَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَوَقَفَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الدَّمُ
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عُرْوَةُ بْنُ مُضَرِّسٍ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ الشَّعْبِيُّ انْتَهَى كَلَامُهُ
قُلْتُ عَامِرٌ هُوَ الشَّعْبِيُّ وَهُوَ يَقُولُ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الْمُضَرِّسِ فَكَيْفَ يُقَالُ عُرْوَةُ بْنُ مُضَرِّسٍ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ الشَّعْبِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أيضا بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ عَلَى شَرْطِهِمَا كَذَا فِي الشَّرْحِ
٠ - (بَاب النُّزُولِ بِمِنًى)
[١٩٥١] (وَنَزَّلَهُمْ) مِنَ التَّنْزِيلِ (وَأَشَارَ) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِلَى مَيْمَنَةِ الْقِبْلَةِ) أَيْ جَانِبِ الْيَمِينِ مِنَ الْقِبْلَةِ (إِلَى مَيْسَرَةِ الْقِبْلَةِ) أَيْ جَانِبِ الْيَسَارِ مِنَ الْقِبْلَةِ بِحَيْثُ لَوْ وَقَفْتَ فِي مِنًى مُوَلِّيًا ظَهْرَكَ إِلَى مِنًى