عُمْدَةُ مَنْ أَجَازَ الْمُزَارَعَةَ وَالْمُخَابَرَةَ لِتَقْرِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ وَاسْتِمْرَارِهِ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى أَنْ أَجْلَاهُمْ عُمَرُ وَفِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ وَجَمِيعِ الشَّجَرِ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُثْمِرَ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ يُجْعَلُ لِلْعَامِلِ مِنَ الثَّمَرَةِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ بِثَمَرَةٍ مَعْدُومَةٍ أَوْ مَجْهُولَةٍ
وَأَجَابَ مَنْ جَوَّزَهُ بِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى عَمَلٍ فِي الْمَالِ بِبَعْضِ نَمَائِهِ فَهُوَ كَالْمُضَارَبَةِ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ يَعْمَلُ فِي الْمَالِ بِجُزْءٍ مِنْ نَمَائِهِ وَهُوَ مَعْدُومٌ وَمَجْهُولٌ وَقَدْ صَحَّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مَعَ أَنَّ الْمَنَافِعَ مَعْدُومَةٌ فَكَذَلِكَ ها هنا وَأَيْضًا فَالْقِيَاسُ فِي إِبْطَالِ نَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ مَرْدُودٌ
وَاسْتَدَلَّ مَنْ أَجَازَهُ فِي جَمِيعِ الثَّمَرِ بِأَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ نَخْلٍ وَشَجَرٍ وَفِي بَعْضِ رِوَايَتِهِ عَلَى أَنَّ لَهُمُ الشَّطْرَ مِنْ كُلِّ زَرْعٍ وَنَخْلٍ وَشَجَرٍ
وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ عَلَى شَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا لِجَوَازِهِ الْمُسَاقَاةَ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ لَا مَجْهُولٍ
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ إِخْرَاجِ الْبَذْرِ مِنَ الْعَامِلِ أَوِ الْمَالِكِ لِعَدَمِ تَقْيِيدِهِ فِي الْحَدِيثِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ دَفْعِ النَّخْلِ مُسَاقَاةً وَالْأَرْضِ مُزَارَعَةً مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سِنِينَ مَعْلُومَةٍ فَيَكُونُ لِلْمَالِكِ أَنْ يُخْرِجَ الْعَامِلَ مَتَى شَاءَ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
٦ - (بَاب فِي الْخَرْصِ)
[٣٤١٣] بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَقَدْ تُكْسَرُ وَبِصَادٍ مُهْمَلَةٍ هُوَ حَزْرُ مَا عَلَى النَّخْلَةِ مِنَ الرُّطَبِ تَمْرًا
(قَالَ أُخْبِرْتُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (فَيَخْرُصُ النَّخْلَ) بِضَمِّ الرَّاءِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا (ثُمَّ يُخَيِّرُ الْيَهُودَ إلخ) أي يخير بن رَوَاحَةَ يَهُودَ خَيْبَرَ (إِلَيْهِمْ) أَيْ إِلَى الْمُسْلِمِينَ
وَفِي الْمُوَطَّأِ ثُمَّ يَقُولُ إِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي
قَالَ فَكَانُوا يَأْخُذُونَهُ أَيْ إِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ كُلُّهُ وَتَضْمَنُونَ نَصِيبَ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ شِئْتُمْ فَلَنَا كُلُّهُ وَأَضْمَنُ مِقْدَارَ نَصِيبِكُمْ فَأَخَذُوا الثَّمَرَةَ كُلَّهَا (لِكَيْ تُحْصَى الزَّكَاةُ) بِصِيغَةِ