الْمَجْهُولِ فِي الْأَفْعَالِ الثَّلَاثَةِ (وَتُفَرَّقُ) الثِّمَارُ فِي حَوَائِجِ النَّاسِ
وَمُرَادُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ ذَلِكَ الْبَعْثَ لِلْخَرْصِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ لِإِحْصَاءِ الزَّكَاةِ لِأَنَّ الْمَسَاكِينَ لَيْسُوا شُرَكَاءَ مُعَيَّنِينَ فَلَوْ تَرَكَ الْيَهُودَ وَأَكْلَهَا رُطَبًا وَالتَّصَرُّفَ فِيهَا أَضَرَّ ذَلِكَ سَهْمَ الْمُسْلِمِينَ
قَالَ الزَّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الموطأ قال بن مزين سألت عيسى عن فعل بن رَوَاحَةَ أَيَجُوزُ لِلْمُتَسَاقِيَيْنِ أَوِ الشَّرِيكَيْنِ فَقَالَ لَا وَلَا يَصْلُحُ قَسْمُهُ إِلَّا كَيْلًا إِلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ حَاجَتُهُمَا إِلَيْهِ فَيَقْتَسِمَانِهِ بِالْخَرْصِ فَتَأَوَّلَ خَرْصَ بن رَوَاحَةَ لِلْقِسْمَةِ خَاصَّةً
وَقَالَ الْبَاجِيُّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ خَرَصَهَا بِتَمْيِيزِ حَقِّ الزَّكَاةِ لِأَنَّ مَصْرِفَهَا غَيْرُ مَصْرِفِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ لِأَنَّهُ يُعْطِيهَا الْإِمَامُ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ فَيَسْلَمُ مِمَّا خَافَهُ عِيسَى وَأَنْكَرَهُ
وَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ إِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي حَمَلَهُ عِيسَى عَلَى أَنَّهُ إِلَيْهِمْ جَمِيعَ الثَّمَرَةِ بَعْدَ الْخَرْصِ لِيَضْمَنُوا حِصَّةَ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ كَانَ هَذَا مَعْنَاهُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالْخَرْصِ فِي غَيْرِ الْعَرِيَّةِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ خَرْصُ الزَّكَاةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَأْخُذُوا الثَّمَرَةَ عَلَى أَنْ تُؤَدُّوا زَكَاتَهَا عَلَى مَا خَرَصْتُهُ وَإِلَّا فَأَنَا أَشْتَرِيهَا مِنَ الْفَيْءِ بِمَا يُشْتَرَى بِهِ فَيَخْرُجُ بِهَذَا الْخَرْصُ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِسِعْرِ الثَّمَرِ
وَإِنْ حُمِلَ عَلَى خَرْصِ الْقِسْمَةِ لِاخْتِلَافِ الْحَاجَةِ فَمَعْنَاهُ إِنْ شِئْتُمْ هَذَا النَّصِيبَ فَلَكُمْ وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ الثَّمَرَةَ مَا دامت في رؤوس النَّخْلِ لَيْسَ بِوَقْتِ قِسْمَةِ ثَمَرِ الْمُسَاقَاةِ لِأَنَّ عَلَى الْعَامِلِ جَذَّهَا وَالْقِيَامَ عَلَيْهَا حَتَّى يَجْرِي فِيهَا الْكَيْلُ أَوِ الْوَزْنُ فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ الْخَرْصَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْقِسْمَةِ إِلَّا بمعنى اختلاف الأغراض
وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ الْخَرْصُ فِي الْمُسَاقَاةِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ الْمُسَاقِيَيْنِ شَرِيكَانِ لَا يَقْتَسِمَانِ إِلَّا بِمَا يَجُوزُ بِهِ بَيْعُ الثِّمَارِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَإِلَّا دَخَلَتْهُ الْمُزَابَنَةُ
قَالُوا وَإِنَّمَا بَعَثَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَخْرُصُ على اليهود لإحصاء الزكاةلأن الْمَسَاكِينَ لَيْسُوا شُرَكَاءَ مُعَيَّنِينَ فَلَوْ تَرَكَ الْيَهُودَ وَأَكْلَهَا رُطَبًا وَالتَّصَرُّفَ فِيهَا أَضَرَّ ذَلِكَ سَهْمَ الْمُسْلِمِينَ
قَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّمَا أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَرْصِ لِكَيْ تُحْصَى الزَّكَاةُ قَبْلَ أن تؤكل الثِّمَارُ انْتَهَى كَلَامُهُ
قُلْتُ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِيهِ واسطة بين بن جُرَيْجٍ وَالزُّهْرِيِّ وَلَمْ يُعْرَفْ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ انْتَهَى
وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالدَّارقُطْنِيُّ بِدُونِ الْوَاسِطَةِ المذكورة وبن جُرَيْجٍ مُدَلِّسٌ فَلَعَلَّهُ تَرَكَهَا