تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ جَعَلَ عُقُوبَتَهَا فِي دِينِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ فِي مَالِهِ شَيْئًا وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ انْتَهَى
(وَإِنْ كَانَ صَادِقًا) أَيْ فِي حَلِفِهِ يَعْنِي مَثَلًا حَلَفَ إِنْ فَعَلْتُ كَذَا فَأَنَا بَرِيءٌ مِنَ الْإِسْلَامِ فَلَمْ يَفْعَلْ فَبَرَّ فِي يَمِينِهِ (سَالِمًا) لِأَنَّ فِيهِ نَوْعُ اسْتِخْفَافٍ بِالْإِسْلَامِ فَيَكُونُ بِنَفْسِ هَذَا الْحَلِفِ آثِمًا
([٣٢٥٩] بَاب الرَّجُلِ يَحْلِفُ أَنْ لَا يَتَأَدَّمَ)
أَيْ أَنْ لَا يَأْكُلَ الْإِدَامَ فَأَكَلَ تَمْرًا بِخُبْزٍ هَلْ يَكُونُ مُؤْتَدِمًا فَيَحْنَثُ أَمْ لَا
(عَلَى كِسْرَةٍ) مِنْ خُبْزٍ (هَذِهِ) أَيْ تَمْرَةٌ (إِدَامُ هَذِهِ) أَيْ كِسْرَةٌ
قَالَ الْعَيْنِيُّ وَبِهَذَا يُحْتَجُّ أَنَّ كُلَّ مَا يُوجَدُ فِي الْبَيْتِ غَيْرَ الْخُبْزِ فَهُوَ إِدَامٌ سَوَاءٌ كَانَ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا فَعَلَى هَذَا أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَأَدَّمَ فَأَكَلَ خُبْزًا بِتَمْرٍ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ
وَقَالَ أَبُو حنيفة وأبو يوسف الإدام ما يصطبغ بِهِ مِثْلُ الزَّيْتِ وَالْعَسَلِ وَالْمِلْحِ وَالْخَلِّ وَأَمَّا ما لا يصطبغ بِهِ مِثْلُ اللَّحْمِ الْمَشْوِيِّ وَالْجُبْنِ وَالْبِيضِ فَلَيْسَ بِإِدَامٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ هَذِهِ إِدَامٌ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يوسف انتهى
وقال الحافظ قال بن الْقَصَّارِ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ اللِّسَانِ أَنَّ مَنْ أَكَلَ خُبْزًا بِلَحْمٍ مَشْوِيٍّ أَنَّهُ ائْتَدَمَ بِهِ فَلَوْ قَالَ أَكَلْتُ خُبْزًا بِلَا إِدَامٍ كَذَبَ وَإِنْ قَالَ أَكَلْتُ خُبْزًا بِإِدَامٍ صَدَقَ وَأَمَّا قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ الْإِدَامُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَسْتَهْلِكَ الْخُبْزَ فِيهِ بِحَيْثُ يَكُونُ تَابِعًا لَهُ بِأَنْ تَتَدَاخَلَ أَجْزَاؤُهُ فِي أَجْزَائِهِ
وَهَذَا لَا يَحْصُلُ إلا بما يصطبغ بِهِ فَقَدْ أَجَابَ مَنْ خَالَفَهُمْ بِأَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ مُسَلَّمٌ لَكِنْ دَعْوَى التَّدَاخُلِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّنَاوُلِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْجَمْعُ ثُمَّ الِاسْتِهْلَاكُ بِالْأَكْلِ فَيَتَدَاخَلَانِ حِينَئِذٍ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَيُوسُفُ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ إِنَّ لَهُ صُحْبَةً وَقَالَ غَيْرُهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute