٤٨ - (بَاب فِي عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ)
هِيَ الْجَارِيَةُ الَّتِي وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا
(لَا تَلْبِسُوا عَلَيْنَا) بِفَتْحِ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ وَكَسْرِ الْبَاءِ الْمُخَفَّفَةِ أَيْ لَا تَخْلِطُوا وَيَجُوزُ التَّشْدِيدُ كَذَا فِي فَتْحِ الْوَدُودِ (سُنَّتَهُ) هَذَا لَفْظُ قُتَيْبَةَ وَالضَّمِيرُ يَرْجِعُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُلُّ عليه لفظ بن الْمُثَنَّى (سُنَّةَ نَبِيِّنَا) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ مِنَ التَّأْوِيلِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِذَلِكَ سُنَّةً كَانَ يَرْوِيهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصًّا وَتَوْقِيفًا وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ اجْتِهَادًا عَلَى مَعْنَى السُّنَّةِ فِي الْحَرَائِرِ وَلَوْ كَانَ مَعْنَى السُّنَّةِ التَّوْقِيفَ لَأَشْبَهَ أَنْ يُصَرِّحَ بِهِ
وَأَيْضًا فَإِنَّ التَّلْبِيسَ لَا يَقَعُ فِي النُّصُوصِ إِنَّمَا يَكُونُ غَالِبًا فِي الرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ وَقَدْ تَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ فِي أُمِّ وَلَدٍ بِعَيْنِهَا كَانَ أَعْتَقَهَا صَاحِبُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَهَذِهِ إِذَا مَاتَ عَنْهَا مَوْلَاهَا الَّذِي هُوَ زَوْجُهَا كَانَتْ عِدَّتُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا إِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أهل العلم
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه هَذَا الْحَدِيث يَرْوِيه قَبِيصَة بْن ذُؤَيْب عَنْ عَمْرو
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ قَبِيصَة لَمْ يَسْمَع مِنْ عَمْرو وَالصَّوَاب لَا تُلَبِّسُوا عَلَيْنَا مَوْقُوفٌ يَعْنِي لَمْ يُذْكَر فِيهِ سُنَّة نَبِيّنَا وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد هَذَا حَدِيث مُنْكَرٌ
آخِر كَلَامه
وَقَدْ رَوَاهُ سُلَيْمَان بْن مُوسَى عَنْ رَجَاء بْن حَيْوَة عَنْ قَبِيصَة عَنْ عَمْرو قَوْله عِدَّة أُمّ الْوَلَد عِدَّة الْحُرَّة وَهَذَا الَّذِي أشار إليه الدارقطني أنه الصواب
وقال بن الْمُنْذِر ضَعَّفَ أَحْمَد وَأَبُو عُبَيْد حَدِيث عَمْرو بْن الْعَاصِ
وَقَالَ مُحَمَّد بْن مُوسَى سَأَلْت أَبَا عَبْد اللَّه عَنْ حَدِيث عَمْرو بْن الْعَاصِ فَقَالَ لَا يَصِحّ
وَقَالَ الْمَيْمُونِيّ رَأَيْت أَبَا عَبْد اللَّه يَعْجَب مِنْ حَدِيث عَمْرو بْن الْعَاصِ هَذَا ثُمَّ قَالَ أَيْنَ سُنَّة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا وَقَالَ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا إِنَّمَا هِيَ عِدَّة الْحُرَّة مِنْ النِّكَاح وَإِنَّمَا هَذِهِ أَمَة خَرَجَتْ مِنْ الرِّقّ إِلَى الْحُرِّيَّة
وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ في الموطأ عن نافع عن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي أُمّ الْوَلَد يُتَوَفَّى عَنْهَا سَيِّدهَا وَتَعْتَدّ بِحَيْضَةٍ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاء فِي عِدَّتهَا فَالصَّحِيح أَنَّهُ حَيْضَة وَهُوَ الْمَشْهُور عَنْ أحمد وقول بن عُمَر وَعُثْمَان وَعَائِشَة وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِك وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو عُبَيْد وَأَبُو ثَوْر وَغَيْرهمْ
وَعَنْ أَحْمَد رِوَايَة أُخْرَى تَعْتَدّ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا وَهُوَ قول سعيد بن المسيب وبن سِيرِينَ وَسَعِيد بْن جُبَيْر