وَعَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُرَخَّصُ فِي تَرْكِهَا بِالْمَطَرِ وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي إِرْشَادِ السَّارِي
وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي عُمْدَةِ القارىء والمراد بقول بن عَبَّاسٍ أَنَّ الْجُمُعَةَ عَزِيمَةٌ وَلَكِنَّ الْمَطَرَ مِنَ الْأَعْذَارِ الَّتِي تُصَيِّرُ الْعَزِيمَةَ رُخْصَةً وَهَذَا مَذْهَبُ بن عَبَّاسٍ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْأَعْذَارِ لِتَرْكِ الْجُمُعَةِ المطر وإليه ذهب بن سِيرِينَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يُتَخَلَّفُ عَنِ الجمعة في اليوم المطير
وروى بن قَانِعٍ قِيلَ لِمَالِكٍ أَنَتَخَلَّفُ عَنِ الْجُمُعَةِ فِي الْيَوْمِ الْمَطِيرِ قَالَ مَا سَمِعْتُ قِيلَ لَهُ فِي الْحَدِيثِ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ قَالَ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ
انْتَهَى كَلَامُهُ
قُلْتُ هَذَا مِنَ اسْتِنْبَاطَاتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرِيحًا أَنَّهُ رَخَّصَ فِي تَرْكِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لِأَجْلِ الْمَطَرِ وَالصَّحِيحُ عِنْدِي في معنى قول بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الْجُمُعَةَ وَاجِبَةٌ مُتَحَتِّمَةٌ لَا تُتْرَكُ لَكِنْ يُرَخَّصُ لِلْمُصَلِّي فِي حُضُورِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ لِأَجْلِ الْمَطَرِ فَيُصَلِّي الْجُمُعَةَ فِي رَحْلِهِ بِمَنْ كَانَ مَعَهُ جَمَاعَةً وَلَيْسَ الْمُرَادُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْجُمُعَةَ تَسْقُطُ لِأَجْلِ الْمَطَرِ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ قَطُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَغَرَضُ الْمُؤَلِّفِ مِنَ انْعِقَادِ هَذَا الْبَابِ أَنَّ التَّخَلُّفَ عَنِ الْجَمَاعَةِ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوِ الْمَطِيرَةِ كَمَا ثَبَتَ من حديث بن عُمَرَ فَكَذَا يَجُوزُ التَّخَلُّفُ عَنْ حُضُورِ الْمَسْجِدِ الجامع يوم الجمعة بدليل رواية بن عَبَّاسٍ كَذَا فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ (وَإِنِّي كَرِهْتُ أن أخرجكم) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْحَاءِ مِنَ الْحَرَجِ وَيُؤَيِّدُهُ ما في بعض الروايات أوثمكم أَيْ أَنْ أَكُونَ سَبَبًا فِي إِكْسَابِكُمُ الْإِثْمَ عِنْدَ حَرَجِ صُدُورِكُمْ فَرُبَّمَا يَقَعُ تَسَخُّطٌ أَوْ كَلَامٌ غَيْرُ مَرْضِيٍّ (فَتَمْشُونَ فِي الطِّينِ وَالْمَطَرِ) فَتَكُونُونَ فِي الْحَرَجِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ومسلم وبن مَاجَهْ
(بَاب الْجُمُعَةِ لِلْمَمْلُوكِ وَالْمَرْأَةِ)
[١٠٦٧] (عَنْ طَارِقِ بن شهاب) بن عبدشمس الْأَحْمَسِيِّ الْبَجَلِيِّ الْكُوفِيِّ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ وَرَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ مِنْهُ سَمَاعٌ وَغَزَا فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ غَزْوَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute