وَسَرِيَّةً وَمَاتَ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ ذَكَرَهُ فِي السُّبُلِ (قَالَ الْجُمُعَةُ حَقٌّ) أَيْ ثَابِتٌ فَرْضِيَّتُهَا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (وَاجِبٌ) أَيْ فَرْضٌ مُؤَكَّدٌ (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْقَائِلِ بِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ (فِي جَمَاعَةٍ) لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إِلَّا بِجَمَاعَةٍ مَخْصُوصَةٍ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْعَدَدِ الَّذِي تَحْصُلُ بِهِ وَأَقَلُّهُمْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ثَلَاثَةٌ سِوَى الْإِمَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمْ مِمَّنْ حَضَرَ الْخُطْبَةَ وَقَالَ اثْنَانِ سِوَى الْإِمَامِ
وقال بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعِينَ كَامِلِينَ
قُلْتُ وَيَجِيءُ تَحْقِيقُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَابِ الْآتِي (أَوِ امْرَأَةٌ) فِيهِ عَدَمُ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ عَلَى النِّسَاءِ أَمَّا غَيْرُ الْعَجَائِزِ فَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا الْعَجَائِزُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُسْتَحَبُّ لَهُنَّ حُضُورُهَا (أَوْ صَبِيٌّ) فِيهِ أَنَّ الْجُمُعَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى الصِّبْيَانِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ (أَوْ مَرِيضٌ) فِيهِ أَنَّ الْمَرِيضَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ إِذَا كَانَ الْحُضُورُ يَجْلِبُ عَلَيْهِ مَشَقَّةً وَقَدْ أَلْحَقَ بِهِ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ الْأَعْمَى وَإِنْ وَجَدَ قَائِدًا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَشَقَّةِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ عَنِ الْحُضُورِ إِنْ وَجَدَ قَائِدًا
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا جُمُعَةَ عَلَى الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى شُهُودِ الْجُمُعَةِ إِلَّا بِأَنْ يَزِيدَ فِي مَرَضِهِ أَوْ يَبْلُغَ بِهِ مَشَقَّةً غَيْرَ مُحْتَمَلَةٍ وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ أَهْلِ الْأَعْذَارِ
انتهى
وقوله عبدمملوك أَوِ امْرَأَةٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَرِيضٌ هَكَذَا فِي النُّسَخِ بِصُورَةِ الْمَرْفُوعِ
قَالَ السُّيُوطِيُّ وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ بِأَنَّ الْمَذْكُورَاتِ عَطْفُ بَيَانٍ لِأَرْبَعَةٍ وَهُوَ مَنْصُوبٌ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُوجَبٍ وَالْجَوَابُ أَنَّهَا مَنْصُوبَةٌ لَا مَرْفُوعَةٌ وَكَانَتْ عَادَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنْ يَكْتُبُوا الْمَنْصُوبَ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَيَكْتُبُوا عَلَيْهِ تَنْوِينَ النَّصْبِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ
قَالَ السُّيُوطِيُّ وَرَأَيْتُهُ أَنَا فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْمُتَقَدِّمِينَ الْمُعْتَمَدَةِ وَرَأَيْتُهُ فِي خَطِّ الذَّهَبِيِّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُسْتَدْرَكِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ مَرْفُوعَةً تُعْرَبُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ انْتَهَى
قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِنَّ فَأَمَّا الْعَبِيدُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِمْ فَكَانَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ يُوجِبَانِ عَلَى الْعَبْدِ الْجُمُعَةَ إِذَا كَانَ مُخَارِجًا وَكَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْسَبُ أَنَّ مَذْهَبَ دَاوُدَ إِيجَابُ الْجُمُعَةِ عَلَيْهِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ إِذَا سَمِعَ الْمُسَافِرُ الْأَذَانَ فَلْيَحْضُرِ الْجُمُعَةَ
وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ نَحْوٌ مِنْ ذَلِكَ
وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْجُمُعَةِ مِنْ فُرُوضِ الْأَعْيَانِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ عَلَّقَ الْقَوْلَ فِيهِ
وَقَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ هُوَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَلَيْسَ إِسْنَادُ هَذَا الحديث