تَعْلِيلٌ لِمَشْرُوعِيَّةِ التَّأْخِيرِ الْمَذْكُورِ وَهَلِ الْحِكْمَةُ فِيهِ دَفْعُ الْمَشَقَّةِ لِكَوْنِهَا قَدْ تَسْلُبُ الْخُشُوعَ وَهَذَا أَظْهَرُ وَكَوْنُهَا الْحَالَةَ الَّتِي يَنْتَشِرُ فِيهَا الْعَذَابُ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ حَيْثُ قَالَ لَهُ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ فَإِنَّهَا سَاعَةٌ تُسَجَّرُ فِيهَا جَهَنَّمُ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ هَذَا بِأَنَّ الصَّلَاةَ سَبَبُ الرَّحْمَةِ فَفِعْلُهَا مَظِنَّةً لِطَرْدِ الْعَذَابِ فَكَيْفَ أَمَرَ بِتَرْكِهَا وَأَجَابَ عَنْهُ أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمَرِيُّ بِأَنَّ التَّعْلِيلَ إِذَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ وَجَبَ قَبُولُهُ وَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ مَعْنَاهُ
قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ (مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ) أَيْ مِنْ سَعَةِ انْتِشَارِهَا وَتَنَفُّسِهَا وَمِنْهُ مَكَانٌ أَفَيْحُ أَيْ مُتَّسِعٌ وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةُ اسْتِعَارِهَا كَذَا فِي الفتح
وقال على القارىء أَيْ مِنْ غَلَيَانِهَا
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[٤٠٣] (إِذَا دَحَضَتِ الشَّمْسُ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ زَالَتْ
وَأَصْلُ الدَّحْضِ الزُّلُولُ يُقَالُ دَحَضَتْ رِجْلُهُ أَيْ زَلَّتْ عَنْ مَوْضِعِهَا وَأَدْحَضْتُّ حُجَّةَ فُلَانٍ أَيْ أَزَلْتُهَا وَأَبْطَلْتُهَا انْتَهَى
قَالَ الْحَافِظُ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ الْأَمْرَ بِالْإِبْرَادِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الْبَرْدِ أَوْ قَبْلَ الْأَمْرِ بِالْإِبْرَادِ أَوْ عِنْدَ فَقَدْ شُرُوطِ الْإِبْرَادِ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِشِدَّةِ الْحَرِّ أَوْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ انتهى
قال المنذري والحديث أخرجه مسلم وبن ماجه وحديث مسلم أتم
([٤٠٤] بَابُ وَقْتِ الْعَصْرِ)
(وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ مُرْتَفِعَةٌ) أَيْ لَمْ تَصْفَرَّ (حَيَّةٌ) حَيَاةُ الشَّمْسِ عِبَارَةٌ عَنْ بَقَاءِ حَرِّهَا لَمْ يَفْتُرْ وَبَقَاءُ لَوْنِهَا لَمْ يَتَغَيَّرْ (وَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي) أَيْ يَذْهَبُ وَاحِدٌ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى الْعَوَالِي فَيَأْتِيَ الْعَوَالِيَ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَالْعَوَالِي عِبَارَةٌ عَنِ الْقُرَى الْمُجْتَمِعَةِ حَوْلَ الْمَدِينَةِ مِنْ جِهَةِ نَجْدِهَا وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ جِهَةِ تِهَامَتِهَا فَيُقَالُ لَهَا السَّافِلَةُ