مُخْتَصًّا بِالْخَوْفِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ كَانَ وَقْتُ أَمْنٍ وَمَعَ ذَلِكَ قَصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَصَرْنَا مَعَهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ لَيْسَ بِمُخْتَصٍّ بِالْخَوْفِ
وَفِي حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ النَّسَائِيُّ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَذَا فِي الشَّرْحِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَكِّيَّ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ بِمِنًى لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُسَافِرًا بِمِنًى فَصَلَّى صَلَاةَ الْمُسَافِرِ وَلَعَلَّهُ لَوْ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاتِهِ لَأَمَرَهُ بِالْإِتْمَامِ وَقَدْ يَتْرُكُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانٌ بعض المأمور فِي بَعْضِ الْمَوَاطِنِ اقْتِصَارًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْبَيَانِ السَّابِقِ خُصُوصًا فِي مِثْلِ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي هُوَ مِنَ الْعِلْمِ الظَّاهِرِ الْعَامِّ
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُصَلِّي بِهِمْ فَيَقْصُرُ فإذا سلم التفت إليهم وقال أتموا ياأهل مَكَّةَ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَقْصُرُ الْإِمَامُ وَالْمُسَافِرُ مَعَهُ وَيَقُومُ أَهْلُ مَكَّةَ فَيُتِمُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ
وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَالزُّهْرِيِّ وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ إِلَى أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا قَصَرَ قَصَرُوا مَعَهُ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَهْلُ مَكَّةَ وَغَيْرُهُمْ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ بِنَحْوِهِ
٨ - (بَاب فِي رَمْيِ الْجِمَارِ)
[١٩٦٦] (عَنْ أُمِّهِ) هِيَ أُمُّ جُنْدَبٍ الْأَزْدِيَّةُ كَمَا سَيَجِيءُ (مِنْ بَطْنِ الْوَادِي) هُوَ مَسِيلُ الْمَاءِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَخْتَارُونَ أَنْ يَرْمِيَ الرَّجُلُ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي وَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَرْمِيَ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي رَمَى مِنْ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَطْنِ الْوَادِي قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْمُوَطَّأِ هُوَ أَفْضَلُ وَمِنْ حَيْثُ مَا رَمَى فَهُوَ جَائِزٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَوْلُ الْعَامَّةِ (لَا يَقْتُلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا) أَيْ بِالزِّحَامِ وَبِالرَّمْيِ بِالْحَصَى الْكَبِيرَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ وَأُمُّ سُلَيْمَانَ هِيَ أُمُّ جُنْدَبٍ الْأَزْدِيَّةُ جَاءَ ذَلِكَ مُبَيَّنًا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute