سَارَ إِلَى خَيْبَرَ فِي الْمُحَرَّمِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ هَذَا مُرْسَلٌ
[٣٠٢٠] (لَوْلَا آخِرُ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ لَوْ قُسِمَتْ كُلُّ قَرْيَةٍ عَلَى الْفَاتِحِينَ لَهَا لَمَا بَقِيَ شَيْءٌ لِمَنْ يَجِيءُ بَعْدَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (مَا فَتَحْتُ) بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ ((إِلَّا قَسَمْتُهَا) أَيْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ لَكِنِ النَّظَرُ لِآخِرِ الْمُسْلِمِينَ يَقْتَضِي أَنْ لَا أَقْسِمَهَا بَلْ أَجْعَلَهَا وَقْفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْأَرْضِ الْمَفْتُوحَةِ عَنْوَةً أَنَّهُ يَلْزَمُ قِسْمَتُهَا إِلَّا أَنْ يَرْضَى بِوَقْفِيَّتِهَا مَنْ غَنِمَهَا
وَعَنْ مَالِكٍ تَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الْفَتْحِ
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِتَخَيُّرِ الْإِمَامِ بَيْنَ قِسْمَتِهَا وَوَقْفَتِهَا قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ
وَتَقَدَّمَ آنِفًا الْكَلَامُ فِيهِ أَيْضًا
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
٥ - (بَاب مَا جَاءَ فِي خَبَرِ مَكَّةَ وَكَانَ فَتْحُ مَكَّةَ)
[٣٠٢١] شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْفَتْحِ الْأَعْظَمِ مِنْ بَقِيَّةِ الْفُتُوحَاتِ قَبْلَهُ كَخَيْبَرَ وَفَدَكَ وَالْحُدَيْبِيَةِ وَكَانَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الهجرة
وأما فتحها فهو عنوة وقهرا عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ وَلَمْ يُقَسِّمْهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْفَتْحِ فَأَشْكَلَ عَلَى كُلِّ طَائِفَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْجَمْعُ بَيْنَ فَتْحِهَا عَنْوَةً وَتَرْكِ قِسْمَتِهَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ لِأَنَّهَا دَارُ الْمَنَاسِكِ وَهِيَ وَقْفٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ وَهُمْ فِيهَا سَوَاءٌ فَلَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهَا ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ مَنَعَ بَيْعَهَا وَإِجَارَتَهَا وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ بَيْعَ رِبَاعِهَا وَمَنَعَ إِجَارَتَهَا
وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمَّا لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ الْعَنْوَةِ وَبَيْنَ عَدَمِ الْقِسْمَةِ قَالَ إِنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا فَلِذَلِكَ لَمْ تُقْسَمْ قَالَ وَلَوْ فُتِحَتْ عَنْوَةً لَكَانَتْ غَنِيمَةً فَيَجِبُ قِسْمَتُهَا كَمَا تَجِبُ قِسْمَةُ الْحَيَوَانِ وَالْمَنْقُولِ وَلَمْ يَرَ مَنْعَ بَيْعِ رِبَاعِ مَكَّةَ وَإِجَارَتِهَا وَاحْتَجَّ بِأَنَّهَا مِلْكٌ لِأَرْبَابِهَا تُورَثُ عَنْهُمْ وَتُوهَبُ وَأَضَافَهَا اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِمْ إِضَافَةَ الْمِلْكِ إِلَى مَالِكِهِ وَاشْتَرَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ دَارًا مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَقِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ فَقَالَ وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعِ فَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ
فَلَمَّا كَانَ أَصْلُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْأَرْضَ مِنَ الْغَنَائِمِ وَأَنَّ الْغَنَائِمَ تَجِبُ قِسْمَتُهَا وَأَنَّ مَكَّةَ تُمْلَكُ وَتُبَاعُ دُورُهَا وَرِبَاعُهَا وَلَمْ تُقْسَمْ لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ كَوْنِهَا فُتِحَتْ صُلْحًا
لَكِنْ مَنْ تَأَمَّلَ