دَمَ السَّارِقِ وَإِنْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ السَّرِقَةُ وَقَدْ يَخْرُجُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنَ الْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ فَإِنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي عُقُوبَتِهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى مِقْدَارِ الْحَدِّ وَإِنْ رَأَى أَنْ يُقْتَلَ قُتِلَ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَمُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَمُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ هَذَا هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ الْمَدَنِيُّ وَقَدْ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ لَمَّا حَدَّثَ بِحَدِيثِ الْقَتْلِ فِي الرَّابِعَةِ وَقَدْ تُرِكَ ذَلِكَ قَدْ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنِ النُّعَيْمَانِ فَجَلَدَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الرَّابِعَةَ فَجَلَدَهُ وَلَمْ يَزِدْ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْقَتْلُ مَنْسُوخٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا مَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلِمْتُهُ يُرِيدُ حَدِيثَ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ وَفِيهِ وَوُضِعَ الْقَتْلُ فَكَانَتْ رُخْصَةً
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ثُمَّ حُفِظَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلْدُ الشَّارِبِ الْعَدَدَ الَّذِي قَالَ يُقْتَلُ بَعْدَهُ ثُمَّ جِيءَ بِهِ فَجَلَدَهُ وَرُفِعَ الْقَتْلُ وَصَارَتْ رُخْصَةً
وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا فَعَلَهُ إِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ فَإِنَّمَا فَعَلَهُ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَيَكُونُ مَعْنَى الْحَدِيثِ خَاصًّا فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ وَقَدْ تَخَرَّجَ عَلَى مَذَاهِبِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يُبَاحُ دَمُهُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ فَإِنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَعْزِيرِهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى مِقْدَارِ الْحَدِّ وَإِنْ رَأَى أَنْ يُقْتَلَ قُتِلَ
وَقَدْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِهِ لَمَّا جِيءَ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَشْهُورًا بِالْفَسَادِ مَعْلُومًا مِنْ أَمْرِهِ أَنَّهُ سَيَعُودُ إِلَى سُوءِ فِعْلِهِ فَلَا يَنْتَهِي حَتَّى تَنْتَهِيَ حَيَاتُهُ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ وَالْحَدِيثُ لَا يَثْبُتُ وَالسُّنَّةُ مُصَرِّحَةٌ بِالنَّاسِخِ وَالْإِجْمَاعِ مِنَ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
١ - (باب في السارق تعلق يده فِي عُنُقِهِ)
[٤٤١١] (سَأَلْنَا فَضَالَةَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ (بْنَ عُبَيْدٍ) بِالتَّصْغِيرِ (أَمِنَ السُّنَّةِ) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ (أُتِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (ثُمَّ أَمَرَ بِهَا) أَيْ بِيَدِهِ (فَعُلِّقَتْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ التَّعْلِيقِ (فِي عُنُقِهِ) لِيَكُونَ عِبْرَةً وَنَكَالًا قَالَ فِي النَّيْلِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَعْلِيقِ يَدِ السَّارِقِ فِي عُنُقِهِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مِنَ الزَّجْرِ مَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ فَإِنَّ السَّارِقَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا مقطوعة معلقة فيتذكر السبب لذلك وماجر إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرُ مِنَ الْخَسَارِ بِمُفَارَقَةِ ذَلِكَ الْعُضْوِ النَّفِيسِ وَكَذَلِكَ الْغَيْرُ يَحْصُلُ لَهُ بِمُشَاهَدَةِ الْيَدِ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute