وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَعْنَى النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الشَّكِّ فَقَالَ قَوْمٌ إِنَّمَا نَهَى عَنْ صِيَامِهِ إِذَا نَوَى بِهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ رَمَضَانَ فَأَمَّا مَنْ نَوَى بِهِ صَوْمَ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ فَهُوَ جَائِزٌ
هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَرَخَّصَ فِيهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يُصَامُ ذَلِكَ الْيَوْمُ عَنْ فَرْضٍ وَلَا تَطَوُّعٍ لِلنَّهْيِ فِيهِ وَلِيَقَعَ الْفَصْلُ بِذَلِكَ بَيْنَ شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ
وَهَكَذَا قَالَ عِكْرِمَةُ
وَرَوَى مَعْنَاهُ عن أبي هريرة وبن عباس رضي الله عنهما وَعَائِشَةُ وَأَسْمَاءُ ابْنَتَا أَبِي بَكْرٍ تَصُومَانِ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَأَنْ أَصُومَ يَوْمًا مِنْ شَعْبَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُفْطِرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ
وَكَانَ مَذْهَبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ إِذَا كَانَ فِي السَّمَاءِ سَحَابٌ أَوْ قَتَرَةٌ فَإِنْ كَانَ صحو وَلَمْ يَرَ النَّاسُ الْهِلَالَ أَفْطَرَ مَعَ النَّاسِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ وَافَقَ يَوْمُ الشَّكِّ يَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ صَامَهُ وَإِلَّا لَمْ يَصُمْهُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يَصُومَ انْتَهَى
وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ بَيَانِهِ فِي بَابِ الشَّهْرِ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وَذَكَرَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ وَذَكَرَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ هَذَا مُسْنَدٌ عِنْدَهُمْ وَلَا يَخْتَلِفُونَ يَعْنِي فِي ذَلِكَ
١ - (بَاب في من يَصِلُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ)
(لَا تُقَدِّمُوا صَوْمَ رَمَضَانَ) قَدْ مَرَّ بَيَانَهُ وَمَعْنَاهُ فِي بَابِ مَنْ قَالَ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلَاثِينَ
(إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَوْمٌ) يَكُونَ هُنَا تَامَّةٌ مَعْنَاهُ إِلَّا أَنْ يُوجَدَ صَوْمٌ (يَصُومُهُ رَجُلٌ) وَكَانَ ذلك
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
مِنْهُ أَنَّ مُخَالَفَة مُقْتَضَاهُ مَعْصِيَة وَلَعَلَّهُ لَوْ ذَكَر ذَلِكَ الدَّلِيل لَكَانَ لَهُ مَحْمَل غَيْر مَا ظَنَّهُ فَقَدْ كَانَ الصَّحَابَة يُخَالِف بَعْضهمْ بَعْضًا فِي كَثِير مِنْ وُجُوه دَلَالَة النُّصُوص