٢١ - (بَاب فِي كَرَاهِيَةِ الْبُزَاقِ فِي الْمَسْجِدِ)
[٤٧٤] الْبُزَاقُ هُوَ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ
(التَّفْلُ) بِفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ هُوَ الْبُصَاقُ وَالْبُزَاقُ وَهُمَا مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ أَيْ إِلْقَاءُ الْبُزَاقِ (فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ فِي أَرْضِهِ وَجُدْرَانِهِ (خَطِيئَةٌ) أَيْ إِثْمٌ (أَنْ يُوَارِيَهُ) أَيْ يَسْتُرَ الْبُزَاقَ بِشَيْءٍ طَاهِرٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
[٤٧٥] (إِنَّ الْبُزَاقَ) أَيْ إِلْقَاءَهُ وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ (فِي الْمَسْجِدِ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ هُوَ ظَرْفٌ لِلْفِعْلِ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْفَاعِلِ فِيهِ حَتَّى لَوْ بَصَقَ مَنْ هُوَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فِيهِ تَنَاوَلَهُ النَّهْيُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (خَطِيئَةٌ) أَيْ إِثْمٌ
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ سَيِّئَةٌ وَكَالْبُزَاقِ الْمُخَاطُ بَلْ أَوْلَى (وَكَفَّارَتُهَا) أَيْ إِذَا فَعَلَهَا خَطَأً
قَالَ الْعَيْنِيُّ وَالْكَفَّارَةُ عَلَى وَزْنِ فَعَّالَةٍ لِلْمُبَالَغَةِ كَقَتَّالَةٍ وَضَرَّابَةٍ وَهِيَ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ فِي بَابِ الِاسْمِيَّةِ وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنِ الْفَعْلَةِ وَالْخَصْلَةِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُكَفِّرَ الْخَطِيئَةَ أَيْ تَسْتُرَهَا وَتَمْحُوَهَا وَأَصْلُ الْمَادَّةِ مِنَ الْكَفْرِ وَهُوَ السَّتْرُ وَمِنْهُ سُمِّيَ الزَّرَّاعُ كَافِرًا لِأَنَّهُ يَسْتُرُ الْحَبَّ فِي الْأَرْضِ وسمى المخالف لدين اسلام كَافِرًا لِأَنَّهُ يَسْتُرُ الدِّينَ الْحَقَّ
وَالتَّكْفِيرُ هُوَ فِعْلُ مَا يَجِبُ بِالْحِنْثِ وَالِاسْمُ مِنْهُ الْكَفَّارَةُ (دَفْنُهَا) أَيِ الْبُزَاقِ يَعْنِي إِذَا أَزَالَ ذَلِكَ الْبُزَاقَ أَوْ سَتَرَهُ بِشَيْءٍ طَاهِرٍ عَقِيبَ الْإِلْقَاءِ زَالَ مِنْهُ تِلْكَ الْخَطِيئَةُ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الفتح قال بن أَبِي جَمْرَةَ لَمْ يَقُلْ وَكَفَّارَتُهَا تَغْطِيَتُهَا لِأَنَّ التَّغْطِيَةَ يَسْتَمِرُّ الضَّرَرُ بِهَا إِذْ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَجْلِسَ غَيْرُهُ عَلَيْهَا فَتُؤْذِيَهُ بِخِلَافِ الدَّفْنِ فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ التَّعْمِيقُ فِي بَاطِنِ الْأَرْضِ انْتَهَى
قَالَ الْعَيْنِيُّ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِدَفْنِ الْبُزَاقِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ الدَّفْنُ فِي تُرَابِ الْمَسْجِدِ وَرَمْلِهِ وَحَصَيَاتِهِ إِنْ كَانَتْ فِيهِ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ وَإِلَّا يُخْرِجْهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْمَسَاجِدُ تُرْبَةً وَكَانَتْ ذَاتَ حَصِيرٍ فَلَا يَجُوزُ احْتِرَامًا لِلْمَالِيَّةِ
قُلْتُ إِذَا كَانَ الْإِنْسَانُ مُحْتَاجًا إِلَى دَفْعِ الْبُزَاقِ وَكَانَتِ الْمَسَاجِدُ ذَاتَ حَصِيرٍ أَوْ كَانَ فِرَاشُهَا مِنَ الْجِصِّ أَوِ الْحَجَرِ فَأَلْقَى الْبُزَاقَ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى وَدَلَكَهُ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِدِ لِلْبُزَاقِ أَثَرٌ فَلَا حَرَجَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ الْحَدِيثُ الْآتِي الَّذِي رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ مُسَدَّدٍ فَبَزَقَ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ دَلَكَهُ بِنَعْلِهِ
وَفِيهِ أَنَّ الْبُزَاقَ طَاهِرٌ وَكَذَا النُّخَامَةُ طَاهِرَةٌ جَاءَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَفْظُ الْبُزَاقِ وَفِي الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ لَفْظُ التَّفْلِ
قَالَ الْعَيْنِيُّ
وَالتَّفْلُ شَبِيهٌ بِالْبَزْقِ وَهُوَ أَقَلُّ مِنْهُ أَوَّلُهُ الْبَزْقُ ثُمَّ التَّفْلُ ثُمَّ النَّفْخُ
انْتَهَى
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إِنَّمَا يَكُونُ خَطِيئَةً إِذَا لَمْ يَدْفِنْهُ وَأَمَّا مَنْ أَرَادَ دَفْنَهُ فَلَا
وَرَدَّهُ النَّوَوِيُّ فَقَالَ هُوَ خِلَافُ صَرِيحِ الْحَدِيثِ
قُلْتُ