قَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ إِلَخْ تَكْرِيرٌ لِلْمَعْنَى وَمَزِيدٌ لِلْبَيَانِ يَعْنِي أَنَا أَقُولُ ذَلِكَ وَلَا أَرْجِعُ عَنْهُ فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَعْمَلَ فَلْيَعْمَلْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيَتْرُكِ انْتَهَى
قَالَ فِي النَّيْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْهَدَايَا الَّتِي تُهْدَى لِلْقُضَاةِ وَنَحْوِهِمْ هِيَ مِنَ الرِّشْوَةِ لِأَنَّ الْمُهْدِيَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُعْتَادًا لِلْإِهْدَاءِ إِلَى الْقَاضِي قَبْلَ وِلَايَتِهِ لَا يُهْدِي إِلَيْهِ إِلَّا لِغَرَضٍ وَهُوَ إِمَّا التَّقَوِّي بِهِ عَلَى بَاطِلِهِ أَوِ التوصل لهديته لَهُ إِلَى حَقِّهِ وَالْكُلُّ حَرَامٌ
وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ النَّيْلِ بَعْدَ ذَلِكَ كَلَامًا حَسَنًا
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
وَفِي الْمِشْكَاةِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَاللَّفْظُ لَهُ
([٣٥٨٢] بَاب كَيْفَ الْقَضَاءُ)
(بَعَثَنِي) أَيْ أَرَادَ بَعْثِي (تُرْسِلُنِي) بِتَقْدِيرِ أَدَاةِ الِاسْتِفْهَامِ (وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ) أَيْ وَالْحَالُ أَنِّي صَغِيرُ الْعُمْرِ قَلِيلُ التَّجَارِبِ (وَلَا عِلْمَ لِي بِالْقَضَاءِ) قَالَ الْمُظْهِرُ لَمْ يُرِدْ بِهِ نَفْيَ الْعِلْمِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يُجَرِّبْ سَمَاعَ الْمُرَافَعَةِ بَيْنَ الْخُصَمَاءِ وَكَيْفِيَّةِ رَفْعِ كَلَامِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَصْمَيْنِ وَمَكْرَهُمَا (إِنَّ اللَّهَ سَيَهْدِي قَلْبَكَ وَيُثَبِّتْ لِسَانَكَ) قَالَ الطِّيبِيُّ السِّينُ فِي قَوْلِهِ سَيَهْدِي كَمَا فِي قَوْلِهِ تعالى إني ذاهب إلى ربي سيهدين فَإِنَّ السِّينَ فِيهِمَا صَحِبَ الْفِعْلَ لِتَنْفِيسِ زَمَانِ وُقُوعِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ بَعَثَهُ قَاضِيًا كَانَ عَالِمًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَمُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَقَوْلُهُ أَنَا حَدِيثُ السِّنِّ اعْتِذَارٌ مِنَ اسْتِعْمَالِ الْفِكْرِ وَاجْتِهَادِ الرَّأْيِ مِنْ قِلَّةِ تَجَارِبِهِ وَلِذَلِكَ أَجَابَ بِقَوْلِهِ سَيَهْدِي قَلْبَكَ أَيْ يُرْشِدُكَ إِلَى طَرِيقِ اسْتِنْبَاطِ الْمَسَائِلِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَيَشْرَحُ صَدْرَكَ وَيُثَبِّتُ لِسَانَكَ فَلَا تَقْضِي إِلَّا بِالْحَقِّ (فَلَا تَقْضِيَنَّ) أَيْ لِلْأَوَّلِ مِنَ الْخَصْمَيْنِ فَإِنَّهُ أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ كَيْفِيَّةِ الْقَضَاءِ (أَحْرَى) أَيْ حَرِيٌّ وَجَدِيرٌ وَحَقِيقٌ (أَنْ يَتَبَيَّنَ لَكَ الْقَضَاءُ) أَيْ وَجْهُهُ (قَالَ) أَيْ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (أَوْ مَا شَكَكْتُ فِي قَضَاءٍ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي (بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ دُعَائِهِ وَتَعْلِيمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute