٦٦ - (بَاب فِي فَضْلِ صَوْمِهِ)
(أَنَّ أَسْلَمَ) قَبِيلَةٌ (فَقَالَ) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَصُمْتُمْ يَوْمَكُمْ هَذَا) أَيْ يَوْمَ عَاشُورَاءَ (فَأَتِمُّوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ وَاقْضُوهُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلِاسْتِحْبَابِ وَلَيْسَ بِإِيجَابٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ لِأَوْقَاتِ الطَّاعَةِ ذِمَّةً تُرْعَى وَلَا تُهْمَلُ فَأَحَبَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرْشِدَهُمْ إِلَى مَا فِيهِ الْفَضْلُ وَالْحَظُّ لِئَلَّا يُغْفِلُوهُ عِنْدَ مُصَادَفَتِهِمْ وَقْتَهُ وَقَدْ صَارَ هَذَا أَصْلًا فِي مَذْهَبِ الْعُلَمَاءِ فِي مَوَاضِعَ مَخْصُوصَةٍ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا قَدِمَ الْمُسَافِرُ فِي بَعْضِ نَهَارِ الصَّوْمِ أَمْسَكَ عَنِ الْأَكْلِ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَنْ لَا يَجِدُ مَاءً ولا ترابا وكان محبوسا في خش أَوْ مَصْلُوبًا عَلَى خَشَبَةٍ أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَى حَسْبِ مَا يُمْكِنُهُ مُرَاعَاةً لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ إِذَا قَدَرَ عَلَى الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ
قُلْتُ وَقَدْ يَحْتَجُّ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي جَوَازِ تَأْخِيرِ نِيَّةِ صِيَامِ الْفَرْضِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهِ إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقْضُوهُ يُفْسِدُ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه قَالَ عَبْد الْحَقّ وَلَا يَصِحّ هَذَا الْحَدِيث فِي الْقَضَاء قَالَ وَلَفْظَة اِقْضُوهُ تَفَرَّدَ بِهَا أَبُو دَاوُدَ وَلَمْ يَذْكُرهَا النَّسَائِيّ
قَالَ وَاخْتَلَفَ النَّاس فِي يَوْم عَاشُورَاء هَلْ كَانَ صَوْمه وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا فَقَالَتْ طَائِفَة كَانَ وَاجِبًا
وَهَذَا قَوْل أَبِي حَنِيفَة وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَد وَقَالَ أَصْحَاب الشَّافِعِيِّ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا وَإِنَّمَا كَانَ تَطَوُّعًا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى
وَقَالَ هُوَ قِيَاس الْمَذْهَب وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِثَلَاثِ حُجَج
إِحْدَاهَا مَا أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ حُمَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان خَطِيبًا بِالْمَدِينَةِ يَعْنِي فِي قَدْمَة قَدِمَهَا خَطَبَهُمْ يَوْم عَاشُورَاء فَقَالَ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ يَا أَهْل الْمَدِينَة سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول لِهَذَا الْيَوْم هَذَا يَوْم عَاشُورَاء وَلَمْ يَكْتُب اللَّه عَلَيْكُمْ صِيَامه وَأَنَا صَائِم فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَصُوم فَلْيَصُمْ وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُفْطِر فليفطر