طَالِبٍ (مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ حَدِيثِ حَفْصِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَرِوَايَةُ حَفْصٍ وَالزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ مُتَّفِقَتَانِ عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ كَانَ بَعْدَ غُيُوبِ الشَّفَقِ وَتَقَدَّمَتْ رِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ فِي بَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِلَفْظِ وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ
١ - (بَابُ إِذَا أَقَامَ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ يَقْصُرُ)
[١٢٣٥] (يَقْصُرُ الصَّلَاةَ) وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ الَّتِي يَقْصُرُ فِيهَا الْمُسَافِرُ إِذَا أَقَامَ بِبَلْدَةٍ وَكَانَ مُتَرَدِّدًا غَيْرَ عَازِمٍ عَلَى إِقَامَةِ أَيَّامٍ مَعْلُومَةٍ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْزِمْ إِقَامَةَ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ كَمُنْتَظِرِ الْفَتْحِ يَقْصُرُ إِلَى شَهْرٍ وَيُتِمُّ بَعْدَهُ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الشَّافِعِيِّ إِلَى أَنَّهُ يَقْصُرُ أَبَدًا لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّفَرُ
وَمَا رُوِيَ مِنْ قَصْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَكَّةَ وَتَبُوكَ دَلِيلٌ لَهُمْ لَا عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَرَ مُدَّةَ إِقَامَتِهِ وَلَا دَلِيلَ عَلَى التَّمَامِ فِيمَا بَعْدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ ويؤيد ذلك ما أخرجه البيهقي عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ بِحُنَيْنٍ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَلَكِنَّهُ قَالَ تَفَرَّدَ بِهِ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ وَهُوَ غير محتج به وروي عن بن عُمَرَ وَأَنَسٍ أَنَّهُ يُتِمُّ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَالْحَقُّ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمُقِيمِ الْإِتْمَامُ لِأَنَّ الْقَصْرَ لَمْ يَشْرَعْهُ الشَّارِعُ إِلَّا لِلْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمُ غَيْرُ مُسَافِرٍ فَلَوْلَا مَا ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ قَصْرِهِ بِمَكَّةَ وَتَبُوكَ مَعَ الْإِقَامَةِ لَكَانَ الْمُتَعَيَّنَ هُوَ الْإِتْمَامُ فَلَا يُنْتَقَلُ عَنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ إِلَّا بِدَلِيلٍ وَقَدْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى الْقَصْرِ مَعَ التَّرَدُّدِ إِلَى عِشْرِينَ يَوْمًا كَمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَلَمْ يَصِحَّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَرَ فِي الْإِقَامَةِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَيَقْتَصِرُ عَلَى هَذَا الْمِقْدَارِ وَلَا شَكَّ أَنَّ قَصْرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لَا يَنْفِي الْقَصْرَ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا وَلَكِنْ مُلَاحَظَةُ الْأَصْلِ الْمَذْكُورَةُ هِيَ الْقَاضِيَةُ بِذَلِكَ (غير معمر لا يسنده) ورواه بن حبان والبيهقي من حديث معمر وصححه بن حَزْمٍ وَالنَّوَوِيُّ وَأَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ بِالْإِرْسَالِ وَالِانْقِطَاعِ وَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْمُبَارَكِ وَغَيْرَهُ مِنَ الْحُفَّاظِ رَوَوْهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عن بن ثَوْبَانَ مُرْسَلًا وَأَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَنَسٍ فَقَالَ بِضْعَ عَشَرَةَ وَبِهَذَا اللَّفْظِ رَوَاهُ جَابِرٌ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَاللَّهُ أعلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute