ثُمَّ يُرَدُّ عَلَيْهِ هِبَتُهُ لَعَلَّهُ وَهَبَ لِيُثَابَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُثَبْ عَلَيْهِ فَيَرْجِعُ لِذَلِكَ فَيُمْكِنُ حِينَئِذٍ أَنْ يُثَابَ حَتَّى لَا يَرْجِعَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
وَهَذَا الْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إِذَا رَجَعَ يَرُدُّ عَلَيْهِ هِبَتَهُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ انْتَهَى
وَقَالَ بَعْضُ الْأَعَاظِمِ فِي تَعْلِيقَاتِ السُّنَنِ قَوْلُهُ فَلْيُوَقَّفْ هُوَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مِنَ الْوَقْفِ كقوله تعالى وقفوهم إنهم مسؤولون أَوْ مِنَ التَّوْقِيفِ أَوِ الْإِيقَافِ فَإِنَّ ثَلَاثَتَهَا بِمَعْنًى
قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَشَرْحِهِ وَقَفَ بِالْمَكَانِ وَقْفًا وَوُقُوفًا فَهُوَ وَاقِفٌ دَامَ قَائِمًا وَكَذَا وَقَفَتِ الدَّابَّةُ وَالْوُقُوفُ خِلَافُ الْجُلُوسِ وَوَقَفْتُهُ أَنَا وَكَذَا وَقَفْتُهَا وَقْفًا فَعَلْتُ بِهِ مَا وَقَفَ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى كَوَقَفْتُهُ تَوْقِيفًا وَأَوْقَفْتُهُ إِيقَافًا
قَالَ فِي الْعَيْنِ وَإِذَا وَقَفْتَ الرَّجُلَ عَلَى كَلِمَةٍ قُلْتَ وَقَفْتُهُ تَوْقِيفًا انْتَهَى
وَهُوَ أَيْضًا عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَالتَّعْرِيفُ الْإِعْلَامُ كَمَا فِي القاموس أيضا والمراد به ها هنا إِعْلَامُهُ مَسْأَلَةَ الْهِبَةِ كَيْلَا يَبْقَى جَاهِلًا
وَالْمَعْنَى مَنْ وَهَبَ هِبَةً ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْتَجِعَ فَلْيَفْعَلْ بِهِ مَا يَقِفُ وَيَقُومُ ثُمَّ يُنَبِّهُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ لِيَزُولَ جَهَالَتُهُ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ الْوَاهِبُ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا وَلَكِنَّهُ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ فَإِنْ شِئْتَ فَارْتَجِعْ وَكُنْ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ وَإِنْ شِئْتَ فَدَعْ ذَلِكَ كَيْلَا تَتَشَبَّهَ بِالْكَلْبِ الْمَذْكُورِ فَإِنِ اخْتَارَ الِارْتِجَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا فَلْيَدْفَعْ إِلَيْهِ مَا وَهَبَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ
٨ - (بَاب فِي الْهَدِيَّةِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ)
[٣٥٤١] (فَأَهْدَى) أَيْ أَخُوهُ وَالْمُرَادُ مِنَ الْأُخُوَّةِ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ (لَهُ) أَيْ لِمَنْ شَفَعَ (عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الشَّفَاعَةِ (فَقَبِلَهَا) أَيِ الْهَدِيَّةَ (فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا إِلَخْ) قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّفَاعَةَ الْحَسَنَةَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا وَقَدْ تَكُونُ وَاجِبَةً فَأَخْذُ الْهَدِيَّةِ عَلَيْهَا يُضَيِّعُ أَجْرَهَا كَمَا أَنَّ الرِّبَا يُضَيِّعُ الْحَلَالَ وَاللَّهُ تَعَالَى أعلم انتهى
قال المنذري القاسم هو بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأُمَوِيُّ مَوْلَاهُمُ الشَّامِيُّ وَفِيهِ مَقَالٌ