يَخْتَلِفُونَ فِي إِسْنَادِهِ قَالَ إِنَّمَا قَصَّرَ بِهِ مالك وقد أسنده عدة منهم بن عَجْلَانَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبٍي سَلَمَةَ
انْتَهَى
قال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ دَلَالَةٌ قَوِيَّةٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِمْ إِنَّ الشَّاكَّ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ وَلَا يَجْزِيهِ التَّحَرِّي
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ كَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا شَكَّ اسْتَقْبَلَ وَإِنِ اعْتَرَاهُ غَيْرُ مَرَّةٍ تَحَرَّى
وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ فَرْقٌ بَيْنَ اعْتَرَاهُ ذَلِكَ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَوْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ
وَقَالَ أَحْمَدُ الشَّكُّ عَلَى وَجْهَيْنِ الْيَقِينُ وَالتَّحَرِّي فَمَنْ رَجَعَ إِلَى الْيَقِينِ أَلْغَى الشَّكَّ وَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَإِذَا رَجَعَ إِلَى التَّحَرِّي وَهُوَ أَكْثَرُ الْوَهْمِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ الَّذِي يَرْوِيهِ مَنْصُورٌ وَهُوَ حَدِيثٌ مَعْلُولٌ
وَقَالَ جَمَاعَةٌ التَّحَرِّي هُوَ الرُّجُوعُ إِلَى الْيَقِينِ
وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ اسْتِعْمَالُ الْخَبَرَيْنِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَأَيُّ تَحَرٍّ يَكُونُ لِمَنِ انْصَرَفَ وَهُوَ شَاكٌّ غَيْرُ مُتَيَقِّنٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ تَحَرَّى عَلَى أَغْلَبِ ظَنِّهِ أَنَّ شُعْبَةً مِنَ الشَّكِّ تَصْحَبُهُ
انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
٧ - (بَاب مَنْ قَالَ يُتِمُّ عَلَى أَكْثَرِ ظَنِّهِ)
[١٠٢٨] قَالَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِنْ كَانَ لَهُ ظَنٌّ بَنَى على غالب ظنه وإلا فبنى على اليقين وحجتهم حديث بن مَسْعُودٍ مِنْ طَرِيقِ مَنْصُورٍ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ مُطْلَقًا فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا وَيَأْخُذُ بِحَدِيثِ الْخُدْرِيِّ وَحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عوف انتهى
قال النووي حديث بن مَسْعُودٍ مِنْ طَرِيقِ مَنْصُورٍ دَلِيلٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمُوَافِقِيهِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ عَلَى أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فِي عَدَدِ رَكَعَاتٍ تَحَرَّى وَبَنَى عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَقَلِّ وَالْإِتْيَانِ في الزيادة وظاهر حديث بن مَسْعُودٍ حُجَّةٌ لَهُمْ
ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ فِي طَائِفَةٍ هَذَا لِمَنِ اعْتَرَاهُ الشَّكُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ عَلَى عُمُومِهِ
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ إِلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ
فَإِنْ قَالَتِ الْحَنَفِيَّةُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ لَا يُخَالِفُ مَا قُلْنَا لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي الشَّكِّ وَهُوَ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ وَمَنْ شَكَّ وَلَمْ يَتَرَجَّحْ لَهُ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ بِالْإِجْمَاعِ بِخِلَافِ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا مَثَلًا فَالْجَوَابُ أَنَّ تَفْسِيرَ الشَّكِّ بِمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ إِنَّمَا هُوَ اصْطِلَاحٌ طارىء لِلْأُصُولِيِّينَ وَأَمَّا فِي اللُّغَةِ فَالتَّرَدُّدُ بَيْنَ وُجُودِ الشَّيْءِ وَعَدَمِهِ كُلُّهُ يُسَمَّى شَكًّا سَوَاءٌ الْمُسْتَوِي وَالرَّاجِحُ وَالْمَرْجُوحُ وَالْحَدِيثُ يُحْمَلُ