حَتَّى لَا يَمَلُّ الْقَوْمُ
قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ ذُكِرَ بِلَفْظِ الِاقْتِدَاءِ تَأْكِيدًا لِلْأَمْرِ الْمَحْثُوثِ عَلَيْهِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُقْتَدِي أَنْ يُتَابِعَ الْمُقْتَدَى بِهِ وَيَجْتَنِبَ خِلَافَهُ فَعَبَّرَ عَنْ مُرَاعَاةِ الْقَوْمِ بِالِاقْتِدَاءِ مشاكله لما قبله
قاله علي القارىء فِي الْمِرْقَاةِ (وَاتَّخِذْ) أَمْرُ نَدْبٍ
قَالَهُ عَلِيٌّ القارىء (عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا) أَيِ الْأُجْرَةَ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَخْذُ الْمُؤَذِّنُ الْأَجْرَ عَلَى أَذَانِهِ مَكْرُوهٌ فِي مَذَاهِبِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا بَأْسَ بِهِ
وَيُرَخِّصُ فِيهِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مَكْرُوهَةٌ وَلَا بَأْسَ بِالْجُعْلِ وَكَرِهَ ذَلِكَ أَهْلُ الرأي ومنع منه إسحاق بن رَاهْوَيْهِ
وَقَالَ الْحَسَنُ أَخْشَى أَنْ لَا يَكُونَ صَلَاتُهُ خَالِصَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَكَرِهَهُ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ لَا يَرْزُقُ الْإِمَامُ لِلْمُؤَذِّنِ إِلَّا مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ مِنْ سَهْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه مرصد لمصالح الدين ولا يزقه مِنْ غَيْرِهِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ الفصل الأول وأخرجه النسائي بتمامه وأخرج بن مَاجَهِ الْفَصْلَيْنِ فِي مَوْضِعَيْنِ وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ الْفَصْلَ الْأَخِيرَ
([٥٣٢] بَاب فِي الْأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ)
(أَلَا) كَلِمَةُ تَنْبِيهٍ (إِنِ الْعَبْدَ نَامَ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ يَعْنِي أَنَّ غَلَبَةَ النَّوْمِ عَلَى عَيْنَيْهِ مَنَعَتْهُ مِنْ تَبْيِينِ الْفَجْرِ انْتَهَى
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ يُتَأَوَّلُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ غَفَلَ عَنِ الْوَقْتِ كَمَا يُقَالُ نَامَ فُلَانٌ عَنْ حَاجَتِي إذا غفل عنها ولم يعم بِهَا وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ قَدْ عَادَ لِنَوْمِهِ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنَ اللَّيْلِ يَعْلَمُ النَّاسُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَنْزَعِجُوا مِنْ نَوْمِهِمْ وَسُكُونِهِمْ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَوَّلِ زَمَانِ الْهِجْرَةِ فَإِنَّ الثَّابِتَ عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ كَانَ فِي آخِرِ أَيَّامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤَذِّنُ بليل ثم يؤذن بعده بن أُمِّ مَكْتُومٍ مَعَ الْفَجْرِ
وَثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يؤذن بن أُمِّ مَكْتُومٍ
وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى تَقْدِيمِ أَذَانِ الْفَجْرِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ جَابِرٌ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ والشافعي وأحمد وإسحاق بن رَاهْوَيْهِ وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ يَقُولُ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذَّنَ لِلْفَجْرِ خَاصَّةً قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ اتِّبَاعًا لِلْأَثَرِ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ