الْبَيْتِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ الْعَوَامُّ مِنْ رَفْعِ الْيَدَيْنِ مَعَ التكبير على هيئة رفعهما في الصلاة فَلَا أَصْلَ لَهُ (أَنْ يَذْكُرَهُ) أَيْ مِنَ التَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّوْحِيدِ (وَيَدْعُوَهُ) أَيْ بِمَا شَاءَ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الْمُخْتَارِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ أن لا تعيين في دعوات المناسك لأنه يورث خشوع الناسك
وقال بن الْهُمَامِ لِأَنَّ تَوْقِيتَهَا يَذْهَبُ بِالرِّقَّةِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَمَنْ يُكَرِّرُ مَحْفُوظَهُ وَإِنْ تَبَرَّكَ بِالْمَأْثُورِ فَحَسَنٌ (وَالْأَنْصَارُ تَحْتَهُ) كَذَا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ الْأَنْصَارُ بِالرَّاءِ وَكَذَا قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْأَنْصَابُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بِمَعْنَى الْأَحْجَارِ الْمَنْصُوبَةِ لِلصُّعُودِ إِلَى الصَّفَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِنَحْوِهِ فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ فِي الْفَتْحِ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْأَنْصَارِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ اسْتِلَامُ الحجر افْتِعَالٌ مِنَ السَّلَامِ وَهُوَ التَّحِيَّةُ وَكَذَا أَهْلُ الْيَمَنِ يُسَمُّونَ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ الْمُحَيَّا مَعْنَاهُ أَنَّ النَّاسَ يُحَيُّونَهُ
وَقَالَ الْقُشَيْرِيُّ هُوَ افْتِعَالٌ مِنَ السَّلَامِ وَهِيَ الْحِجَارَةُ وَاحِدَتُهَا سَلِمَةٌ بِكَسْرِ اللَّامِ يُقَالُ اسْتَلَمْتُ الْحَجَرَ إِذَا لَمَسْتُهُ كَمَا يُقَالُ اكْتَحَلْتُ مِنَ الْكُحْلِ
وَقَالَ غَيْرُهُ الِاسْتِلَامُ أَنْ يُحَيِّيَ نَفْسَهُ عَنِ الْحَجَرِ بِالسَّلَامِ لِأَنَّ الْحَجَرَ لَا يُحَيِّيهِ كَمَا يُقَالُ اخْتَدَمَ إِذَا لَمْ يكن له خادم فخدم نفسه
وقال بن الْأَعْرَابِيِّ هُوَ مَهْمُوزُ الْأَصْلِ تُرِكَ هَمْزُهُ مَأْخُوذٌ مِنَ السَّلَامِ وَهِيَ الْحَجَرُ كَمَا يُقَالُ اسْتَنْوَقَ الْجَمَلُ وَبَعْضُهُمْ يَهْمِزُهُ انْتَهَى
٧ - (بَاب فِي تَقْبِيلِ الْحَجَرِ)
[١٨٧٣] (جَاءَ إِلَى الْحَجَرِ فَقَبَّلَهُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ مُتَابَعَةَ السُّنَنِ وَاجِبَةٌ وَلَمْ يُوقَفْ (يَقِفْ) لَهَا عَلَى عِلَلٍ مَعْلُومَةٍ وَأَسْبَابٍ مَعْقُولَةٍ وَأَنَّ أَعْيَانَهَا حُجَّةٌ عَلَى مَنْ بَلَغَتْهُ وَإِنْ لَمْ يَفْقَهْ مَعَانِيَهَا إِلَّا أَنَّ معلوما في الجملة أن تقبيله الحجر إِنَّمَا هُوَ إِكْرَامٌ لَهُ وَإِعْظَامٌ لِحَقِّهِ وَتَبَرُّكٌ بِهِ وَقَدْ فُضِّلَ بَعْضُ الْأَحْجَارِ عَلَى بَعْضٍ كَمَا فُضِّلَ بَعْضُ الْبِقَاعِ وَالْبُلْدَانِ وَكَمَا فُضِّلَ بَعْضُ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute