مَا الْتَزَمَهُ مِنَ الشِّدَّةِ وَالِاسْتِعْجَالِ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ بَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لِحِكْمَةِ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ قَدَرًا وَشَرْعًا فَإِنَّ النَّاسَ إِذَا تَعَدَّوْا حُدُودَهُ وَلَمْ يَقِفُوا عِنْدَهَا ضَيَّقَ عَلَيْهِمْ مَا جَعَلَهُ لِمَنِ اتَّقَاهُ مِنَ الْمَخْرَجِ
وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ
مَنْ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنَ الْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا إِنَّكَ لَوِ اتَّقَيْتَ اللَّهَ لَجَعَلَ لَكَ مخرجا كما قاله بن مسعود وبن عَبَّاسٍ فَهَذَا نَظَرُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ لَا أَنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ غَيَّرَ أَحْكَامَ اللَّهِ وَجَعَلَ حَلَالَهَا حَرَامًا
فَهَذَا غَايَةُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ النُّصُوصِ وَفِعْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ مَعَهُ كَذَا فِي زَادِ الْمَعَادِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
١ - (بَاب فِي ما عُنِيَ بِهِ الطَّلَاقُ وَالنِّيَّاتُ)
(إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بَالنِّيَّةِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بَالنِّيَّاتِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ صِحَّةَ الْأَعْمَالِ وَوُجُوبَ أَحْكَامِهَا إِنَّمَا تَكُونُ بَالنِّيَّةِ وَأَنَّ النِّيَّةَ هِيَ الْمُصْرِفَةُ لَهَا إِلَى جِهَاتِهَا وَلَمْ يُرِدْ بِهِ أَعْيَانَ الْأَعْمَالِ لِأَنَّ أعيانها حاصلة بغير نية (وإنما لامرىء مَا نَوَى) أَشَارَ بِهِ إِلَى أَنَّ تَعْيِينَ الْمَنْوِيِّ شَرْطٌ فَلَوْ كَانَ عَلَى إِنْسَانٍ صَلَوَاتٌ لَا يَكْفِيهِ أَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ بَلْ شَرْطٌ أَنْ يَنْوِيَ كَوْنَهَا ظُهْرًا أَوْ غَيْرَهُ فَلَوْلَا هَذَا الْقَوْلُ لَاقْتَضَى الْكَلَامُ الْأَوَّلُ أَنْ تصح الفائتة بلا تعيين
كذا قال بن
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
ثَلَاث تَطْلِيقَات جَمِيعًا فَقَامَ غَضْبَان ثُمَّ قَالَ أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللَّه وَأَنَا بَيْن أَظْهُركُمْ حَتَّى قَامَ رَجُل فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه أَلَا أَقْتُلهُ رَوَاهُ النَّسَائِيّ
فَلَمْ يُرِدْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ أَمْضَاهُ وَكَمَا فِي حَدِيث عُوَيْمِر الْعِجْلَانِيّ فِي اللِّعَان حَيْثُ أَمْضَى طَلَاقه الثَّلَاث وَلَمْ يَرُدّهُ
الْخَامِس وَهُوَ قَوِيٌّ فِي النَّظَر وَالتَّأْوِيل أَنَّهُ قَالَ كَانَ الطَّلَاق الثَّلَاث عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدَة يُحْتَمَل أَنْ يُرِيد بِهِ كَانَ حُكْم الثَّلَاث إِذَا وَقَعَتْ أَنْ تُجْعَل وَاحِدَةً وَأَنْ يُرِيد بِهِ كَانَتْ عِبَارَة الثَّلَاث عَلَى عَهْده أَنْ تُذْكَر وَاحِدَة فَلَمَّا تَتَابَعَ النَّاس فِي الطَّلَاق وَذَكَرُوا الثَّلَاث بَدَل الْوَاحِدَة أَمْضَى ذَلِكَ عُمَر كَمَا أَمْضَاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُوَيْمِر حِين طَلَّقَ ثَلَاثًا
فَلَا يَبْقَى فِي الْمَسْأَلَة إِشْكَال
فَهَذَا أَقْصَى مَا يُرَدُّ بِهِ هَذَا الْحَدِيث