٤٣ - (بَاب اخْتِيَارِ الْفِطْرِ)
(رَأَى رَجُلًا) هُوَ أَبُو إِسْرَائِيلَ وَاسْمُهُ قَيْسٌ وَقِيلَ قُشَيْرٌ وَقِيلَ قَيْصَرٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ
ذَكَرَهُ مَيْرَكُ (يُظَلَّلُ عَلَيْهِ) بِصِيغَةِ المجهول أي جعل عليه ظل اتقاء عن الشَّمْسِ أَوْ إِبْقَاءً عَلَيْهِ لِلْإِفَاقَةِ لِأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ شِدَّةِ الْحَرَارَةِ أَوْ مِنْ ضَعْفِ الصَّوْمِ أَوْ مِنَ الْإِغْمَاءِ
قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إِنَّهُ كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ
هكذا هو في مسند الشافعي
وقال الشيخ بن حَجَرٍ هُوَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ كَمَا بَيَّنَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى (وَالزِّحَامُ عَلَيْهِ) بِكَسْرِ الزَّايِ أَيْ مُزَاحَمَةٌ فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى غَرَضِ الِاطِّلَاعِ (فَقَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا كَلَامٌ خَرَجَ عَلَى سَبَبٍ فَهُوَ مَقْصُورٌ عَلَى مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِهِ كَأَنَّهُ قَالَ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ أَنْ يَصُومَ الْمُسَافِرُ إِذَا كَانَ الصَّوْمُ يُؤَدِّيهِ إِلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ بِدَلِيلِ صِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرِهِ عَامَ الْفَتْحِ وَبِدَلِيلِ خَبَرِ حَمْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ وَتَخْيِيرِهِ إِيَّاهُ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْإِفْطَارِ
وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الصَّوْمُ بِرًّا لَمْ يُخَيِّرْهُ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَفِي الْفَتْحِ أَنَّ الصَّوْمَ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ مِنَ الْفِطْرِ وَالْفِطْرُ لِمَنْ شَقَّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ أَوْ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه
وَقَدْ اِحْتَجَّ بِهِ مَنْ يُوجِب الْفِطْر فِي السَّفَر
وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الْفِطْر كَانَ آخِر الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَكَانُوا يَأْخُذُونَ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَث مِنْ أَمْر الرسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ دِحْيَة بْن خَلِيفَة الْكَلْبِيّ أَنَّهُ لَمَّا سَافَرَ مِنْ قَرْيَته فِي رَمَضَان وَذَلِكَ ثَلَاثَة أَمْيَال أَفْطَرَ فَأَفْطَرَ مَعَهُ النَّاس وَكَرِهَ ذَلِكَ آخَرُونَ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى قَرْيَته قَالَ وَاَللَّه لَقَدْ رَأَيْت أَمْرًا مَا كُنْت أَظُنّ