أَعْرَضَ عَنْ قَبُولِ الرُّخْصَةِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّوْمِ وإن لم يتحقق الْمَشَقَّةُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ
وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَجُلٍ إِلَخْ) قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ هُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ أَخُوهُ قُشَيْرٌ فَهُوَ كَعْبِيٌّ لَا قُشَيْرِيٌّ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ لِأَنَّ كَعْبًا لَهُ ابْنَانِ عَبْدُ اللَّهِ جَدُّ أَنَسٍ هَذَا وَقُشَيْرٌ وَهُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ وَأَمَّا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ خَادِمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ أَنْصَارِيٌّ خَزْرَجِيٌّ انْتَهَى (اجْلِسْ أُحَدِّثْكَ عَنِ الصَّلَاةِ وَعَنِ الصِّيَامِ إِلَخْ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ أَشْيَاءُ ذَاتُ عَدَدٍ مَسُوقَةٌ فِي الذِّكْرِ مُفْتَرِقَةٌ فِي الْحُكْمِ وَذَلِكَ أَنَّ الشَّطْرَ الْمَوْضُوعَ مِنَ الصَّلَاةِ يَسْقُطُ لَا إِلَى قَضَاءٍ وَالصَّوْمُ يَسْقُطُ فِي السَّفَرِ تَرْخِيصًا لِلْمُسَافِرِ ثُمَّ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ إِذَا أَقَامَ
وَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ يُفْطِرَانِ إِبْقَاءً عَلَى الْوَلَدِ ثُمَّ يَقْضِيَانِ وَيُطْعِمَانِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ إِفْطَارَهُمَا كَانَ مِنْ أَجْلِ غَيْرِ أَنْفُسِهِمَا
وَمِمَّنْ أَوْجَبَ عَلَى الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ مَعَ الْقَضَاءِ الْإِطْعَامَ مُجَاهِدٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
وَقَالَ مَالِكٌ الْحُبْلَى تَقْضِي وَلَا تُكَفِّرُ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ وَالْمُرْضِعُ تَقْضِي وَتُكَفِّرُ
وَقَالَ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ يَقْضِيَانِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
أَنِّي أَرَاهُ إِنَّ قَوْمًا رَغِبُوا عَنْ هَدْي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه يَقُول ذَلِكَ لِلَّذِينَ صَامُوا
ثُمَّ قَالَ عِنْد ذَلِكَ اللَّهُمَّ اِقْبِضْنِي إِلَيْك
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْره
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَبُولِ رُخْصَة الْفِطْر
فَرَوَى النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيث جَابِرٍ يَرْفَعُهُ لَيْسَ مِنْ الْبِرّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَر وَعَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّه الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ فَاقْبَلُوهَا
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِينَ صَامُوا أُولَئِكَ الْعُصَاة رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي قِصَّة فِطْره عَام الْفَتْح
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف الصَّائِمُ فِي السَّفَرِ كَالْمُفْطِرِ فِي الْحَضَر
رَوَاهُ النَّسَائِيّ
وَلَا يَصِحُّ رَفْعُهُ وَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوفٌ